سادت لحظات الخريف والشتاء بحزنها على أجواء قاعة الحفل في Grand Palais الذي تحوّل إلى منتجع من الشاليهات الشتوية على إحدى سفوح جبال الألب المغطاة بالثلوج، ليحتضن مجموعة شانيل لخريف وشتاء 2019-2020، ضمن ديكور ولوحات آسرة فيها الكثير من البهجة، رغم شعور الأسى لدى الحضور بوداع مدير الدار الإبداعي، كارل لاغرفيلد، الذي رحل في 19 فبراير الماضي. هذه المجموعة هي الأخيرة التي وضع عليها لاغرفيلد بصمته قبل وفاته، لذا كانت عزيزة على قلب من أحب عمله، وشهد أعماله الخارجة عن المألوف، بإبداعاتها وتفرّدها. كان هذا العرض مرتقباً من الجميع، فقد وصفه أحد الحضور أنه “بمثابة جنازة ثانية للاغرفيلد ولكن بالأسلوب الذي يحبه”. وكأنها نهاية رحلة بدأها لاغرفيلد حين أكمل رحلة غابريال شانيل، ليسلم الشعلة إلى فيرجيني فيارد، التي اعتبرها لاغرفيلد بأنها يده اليمنى منذ عام 1987. بدأ العرض بدقيقة صمت وقفت خلالها العارضات بأزيائهن على سلالم الشاليهات الريفية، وبعدها افتتحت كارا ديليفين العرض بأزياء شتوية سميكة مزيّنة بنقشات Houndstooth الكلاسيكية بأحجام متنوعة. لطالما عرفت كارا بأنها صديقة للدار ووجها الإعلامي لسنوات عديدة، إلى أن استقالت من عملها كعارضة أزياء. إلا أنها عادت في العرض الأخير لتقدّم تحية للاغرفيلد. كما قدّمت أيضاً الممثلة اللاتينية بينيلوبي كروز تحيّتها إلى كارل، حين مشت على منصّة الأزياء في نهاية العرض، وهي ترتدي إطلالة بيضاء كفستان زفاف، مع تنّورة “كرة الثلج” المزيّنة بالفراء، وتوب من الكشكش الأبيض والدانتيل. الجدير بالذكر أن شانيل كانت قد عيّنت بينيلوبي كروز سفيرة جديدة للدار في صيف العام الماضي.
تألقت المجموعة الوداعية الأخيرة لكارل لاغرفيلد بكل تفاصيلها. بدت أولا الرسومات الظليّة متوارثة من رسومات كوكو شانيل بالسراويل العريضة، والخصر النحيل والقمصان الأنثوية مع الكشكش. بينما حافظ على قماش التويد الشهير لدى الدار، مع إدخال الأقمشة الشتوية السميكة مثل الصوف والجوخ إضافة إلى الريش والفرو عند حواف ياقات المعاطف، والشيفون عند الكشكش حول العنق والكتفين. ولأنها صيحة موسم خريف وشتاء 2019-2020 تبدو نقشة Houndstooth سائدة في الكثير من الإطلالات خاصّة الصوفية، حيث قدّمتها الدار بأسلوبها الكلاسيكي من دون إضافات. كما لفتتنا أكسسوارات الشعر التي تحمل أحرف الدار واسمها. ولن ننسى ذكر القبّعات، وهي أكثر الصيحات التي سادت خلال أسابيع الموضة بشكل عام. لكن الدار قدّمتها بأسلوب كلاسيكي أنثوي بسيط، وصنعت من الجوخ والصوف الناعم مع نقشات الكاروهات أو المربعات المتداخلة بألوان الرماديات. طغى اللونان الأبيض والأسود على أغلب إطلالات المجموعة، بينما لفتت أنظارنا ألوان أحادية مرحة مثل لون الفوشيا والأزرق البحري، والأحمر الناري. في حين توزّع اسم ورموز الدار على الأزياء والقطع والأكسسوارات والحقائب أيضاً.
. مع نهاية ذلك العرض طويت آخر صفحة من صفحات إبداعات الراحل كارل لاغرفيلد، فلكل بداية نهاية. ولكن تبقى الذكرى الجميلة والتاريخ الذي سيسجّل اسم لاغرفيلد من خلال أعماله وأسلوبه في الحياة.
اعداد : ربا نسلي