الإغراء هو أول ما تبحث عنه السيدات عند اختيار أحذيتهن، فيما يبحث الرجال عن الراحة والعملانية. أما المفارقة بين الإغراء والراحة فتكمن في كون أحذية الكعب العالي أول ما ظهرت كانت مخصصة للرجال! لكل شخص حكاية خاصة مع حذائه، وغالبا ترتبط هذه الحكاية بالذوق والمزاج، غير أن المنافسة بين الرجال والنساء على اقتناء الأفضل لا تقارن، فوفق علماء النفس تميل السيدات إلى إهدار أموال أكثر من الرجال في هذا المجال. يمكن أيضا لمقولة النجمة العالمية مارلين مونرو “اعط المرأة الحذاء المناسب، وهي ستتمكن من السيطرة على العالم” أن تقلل من فرص الرجال في هذه المنافسة. قصة تطور الأحذية جذابة وغنية، نتعرف عليها معا بين هذه السطور.
كان الإنسان الأول يلف أوراق النباتات والأغصان الناعمة حول قدمه لحمايتها من الحرارة، وفي المناطق شديدة البرودة كان يلف فراء الحيوانات حول قدمه وساقه لحمايتها من البرد، وهو ما يمكن اعتباره الشكل الأول أو المفهوم البدائي للحذاء.
يقول الباحث الأميركي في جامعة واشنطن، إيرك ترينكوس إن اختراع أول حذاء في العالم يعود إلى حوالي 9 آلاف عام، لكن الدراسات والأبحاث التي رصدت تغيرات شكل عظام قدم الإنسان منذ حوالي 30 ألف عام تشير إلى أن الحذاء كان معروفاً منذ ذلك الحين.
منذ حوالي سنة 3700 ق.م. استخدم المصريون الصنادل المصنوعة من الأوراق والجلود، وكذلك لبسها الإغريق والرومان القدماء. أما عام 794 ق.م. فأوجد اليابانيون حذاء “جيتا”، وهو يشبه إلى حد كبير القبقاب، ومصنوع من الخشب، وكذلك عرف الصينيون الأحذية الخشبية قبل آلاف السنين.
واصل الحذاء تطوره، من حيث الشكل والمادة التي يصنع منها على مدى العصور. خلال القرن الخامس عشر أضاف الإسكافيون كعبا صغيرا على أحذية الفرسان الجلدية، لمساعدتهم على عدم انزلاق أقدامهم أثناء ركوب الأحصنة وترجلهم عنها في المعركة. بما أنّ الفروسيّة كانت ترتبط بالطبقات الراقية، أصبحت أحذية الكعب العالي ترافق الرجال الأوروبيّين الأثرياء في جميع إطلالاتهم. لكن عام 1533 طلبت كاترين دي ميديشي، زوجه دوق أورليانز من إسكافي في فلورنسا أن يصنع لها حذاء من الكعب العالي لزفافها، ويعد هذا أول سجل مكتوب عن الأحذية ذات الكعب العالي، ومن بعدها أصبح الكعب الذي يدلّ على الذكورية القويّة، أكسسواراً نسائيّاً في الوقت نفسه.
مع قيام الثورة الفرنسية، في القرن الثامن عشر، فقدت أحذية الكعب العالي رهجتها، تحديدا تلك المخصصة للرجال، حيث تم التخلي عن مبدأ “التعالي” على الآخر، وبدأ الرجال يعتبرون أحذية الكعب العالي غير عملية، وتخلوا عنها بشكل نهائي، لتتفرد النساء بارتدائها.
شاع ارتداء الأحذية المطاطية طويلة الساق خلال القرن التاسع عشر، المعروف بـ”حذاء ويلينغتون”، الذي راج استخدامه بين عائلات الطبقة البريطانية الأرستقراطية. في هذا القرن أيضا بدأت الأحذية الكلاسيكية الأنيقة المخصصة للرجال تأخذ مكانتها، فيما احتفظت النساء بتفضيلهن للكعب العالي.
مع وصول القرن العشرين، حققت صناعة الأحذية قفزة نوعية، واستخدم الجلد والقماش والمطاط وغيرها من المواد في هذه الصناعة. في أوج هذا القرن اكتسبت أيضاً العديد من دور صناعة الأحذية شهرة عالمية، وأخذت المنافسة بين الشركات مستوى آخر.