غالباً ما أبدأ مقدمة المقابلات بالحديث عن الشخص الذي تعرفت عليه، ولكن هنا البداية ستكون معي. عندما دخلت إلى صالة العرض الخاصة
بـMaison YEYA، شعرت بتلك الطاقة الايجابية والفرح الذي يعم المكان. يستقبلك على الباب فستان من الدانتيل الرائع، تمنيت بعد رؤيته أن أتزوج من جديد كي أرتديه. تجعلك الفساتين الموجودة في صالة العرض تتمنين لو كنت أميرة أو فنانة تمر كل يوم على السجادة الحمراء. دخلنا إلى الغرفة الثانية حيث كانت المصممة المصرية الفرنسية ياسمين يحيى بانتظارنا. كانت المرة الأولى التي ألتقي بها بهذه المصممة المبدعة التي بدأت مشوارها المهني من القاهرة، وانتقلت إلى دبي منذ عامين. تعرفت على مصممة صريحة وشغوفة تتمتع بأفكار مختلفة تعبر عنها وعن شخصيتها.
لماذا اخترت دبي؟
اخترت أن أنتقل إلى دبي لأن دولة الامارات العربية المتحدة هي ملتقى جميع الدول العربية. هذا البلد هو جسر بين الشرق والغرب. وهذا أكثر ما يميزني لأنني من أصول عربية وغربية فأشعر أن المكان الذي أستطيع أن أعيش وأعمل فيه هو طبعاً دبي.
لماذا اخترت العمل على فساتين السهرة والعرائس؟
في شخصيتي حنين للماضي، وفي داخلي أنا امرأة عصرية جداً. ولكن في داخلي أيضا شيء يرفض سرعة الحياة التي جعلتنا نفتقر إلى أجزاء كبيرة من الجمال والفخامة. بدايتي كلها كانت صدفة، طبعاً هناك أشخاص يخططون لحياتهم ويتبعونه، ولكن الطريقة التي أعتمدها في حياتي مختلفة. أعيش حياتي كريشة بانتظار التيار ليأخذها إلى المكان الصحيح. أنا أؤمن أنه على الشخص أن يترك نفسه للظروف كي توجهه. أحب الموضة، وكنت أصمم لنفسي فساتين، هكذا بدأت القصة. دخلت هذا العالم وأصبحت مشهورة بالصدفة، نتيجة لمشاركتي في برنامج مع المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب.
خلال فترة من حياتي أردت أن أركز على حياتي الشخصية، فاخترت مسار تصميم فساتين الزفاف. إن مشروع فستان الزفاف يتطلب وقتاً أطول، وهذا يسمح لي التركيز على أشياء أخرى في حياتي وكان ذلك أيضاً صدفة.
أنا لا أخططت لما سأقوم به على أساس أمر أريد الوصول إليه في النهاية. بل أرى ما هو متاح في الوقت الحالي، ودائماً أحب أن أعمل بالقدر الذي يتيح لي أن أستمتع وأبدع في عملي. ليس سباق بالنسبة لي. أحب أن أعمل في المجال الذي يشكل لي شغفاً، طبعا بهذه الطريقة نبدع في عملنا أكثر مما إذا كنا نسير في خط مستقيم.
متى تصممين؟
أصمم في جميع الأوقات، ممكن أن أكون في انتظار الطائرة… أحمل معي دائماً كتيّبا صغيرا. أرسم عندما تأتي إلي عروس، وتعطيني الالهام لأصمم لها. أصمم أحياناً للشخص نفسه أو للمجموعة، يمكن أن أصمم في أي وقت، ولكن دئماً خلال الأوقات التي أكون فيها بمفردي.
إلى أي مدى تجدين أن مهمة تصميم فستان العروس صعبة؟
ليس من الصعب تصميم فستان لعروس، ولكن هناك شخصيات صعبة، فهي أحياناً لا تعلم ماذا تريد. أهم شيء هو أن تعرف العروس ماذا تريد وأن تكون شخصيتها محددة. لا يجب أن تفهم في الأزياء ولكن يجب أن تعرف نوع الفستان الذي ترغب باعتماده.
أخبرينا عن مجموعتك لربيع وصيف 2019؟
عنوان هذه المجموعة Lumière Céleste. شكل النور الروحاني مصدر وحي بالنسبة لي، فالنور يغير طبيعة الأشياء. الأشياء المنيرة والمظلمة، هذه هي الفكرة الفلسفية التي تقف وراء روح المجموعة. عندما بدأت في التطبيق، بحثت عن النور خلال النهار، من الفجر إلى الغروب، انعكاس الضوء على الأشياء وكيف يعطيها شيئا مختلفا. فجميع ألوان هذه المجموعة مستوحاة من هذا النور.
ما هو فستانك المفضل من هذه المجموعة؟
لا أستطيع أن أختار فستانا معينا، فلكل واحد هناك جزء مفضل. نحن السيدات لدينا أشياء في شخصيتنا تكون متناقضة أحياناً وأحياناً متطرفة، ففي كل فستان أحب جزءا منا، يمثله حتى لو لم أكن أتمتع به. لذلك لا أستطيع أن أقول إن لدي قطعة مفضل.
ما هي العلامة الفارقة التي تحدد هوية تصاميمك؟
السهل الممتنع، فتصاميمي معروفة ببساطتها غير البسيطة.
ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال رحلتك المهنية؟
أكثر مشكلة تواجهني هي أنا. طبعاً كما تعلمين نحن كسيدات لدينا تقلبات مزاجية، وكفنانة تصمم، أنا محتاجة إلى أن أكون دائماً خلاقة، فأكثر شيء يواجهني هو أن أتعامل مع هذه التغيرات. كفنانة أنت متغيرة وكسيدة أنت متغيرة، وإدارة الأعمال تحتاج أحياناً أن أكون متوازنة، هذه من أكثر الصعوبات التي توجهني. يجب أن أعمل على شخصيتي التي تميل إلى الجموح التام.
هل هناك توازن بين الحياة العملية والعائلية برأيك؟
كلا، ليس من الممكن أن نخلق هذا التوازن وليس مطلوب أيضاً. كل واحد يتخذ خياراته في الحياة، فلا أستطيع أن أقول أريد أن أكون مبدعة في عملي وفي عائلتي. لكل واحد خياراته والمهم أن نقبل هذا الخيار، فأنا اخترت عملي وبيتي. أما بالنسبة إلى حياتي الاجتماعية، أنا لا أحب أن أخرج أو أن أذهب إلى الحفلات، لست مهتمة في هذا الجزء، وإذا اهتممت به فلن أقدم لعملي وبيتي ما أرغب به. أفضل أن أعطي هذا الاهتمام لبيتي وعملي.
متى تقولين لا؟
ربما يجب أن أقول لا أكثر، فأحياناً أقول نعم أكثر من اللازم. أقول لا عندما أشعر بالتعب، فاذا أتت إحدى العميلات في وقت ذروة العمل وأرادت أن ننفذ لها فستاناً في وقت قصير، أحياناً لا أستطيع أن أقول كلا. ليس لأنه عمل بل لأنها اختارتنا نحن، فأعمل على التصميم مهما تتطلب الأمر من تعب. وحتى في البيت يطلب الأولاد أشياء كثيرة ولا أستطيع أن أقول كلا، أقول لا بعد أن أتعب، ويكون قد فات الأوان.
ما هو كتابك المفضل؟
لا يوجد كتاب مفضل بالنسبة لي، كل فترة لدي كتاب مفضل مختلف. تختلف الكتب مع التقدم في السن، قرأت مؤخراً كتاب موت صغير للكاتب محمد حسن علوان، أنا أحب الفلسفة، وأثر بي كثيراً.
ما الذي تحبين نقله لأولادك؟
أحب أن أعرفهم على طبيعة الحياة، ماهية الحياة، فبعض الناس في صغرهم يفهمون الحياة بطريقة، وعندما يكبرون ينصدمون. نكبر على فكرة أن الحياة رحلة، ولكن في الحياة صعوبات كثيرة وتنازلات ومهمات عديدة. الحياة ليست احتفالا، هي مكان نأتي إليه كي نؤدي دوراً، ونكون أفضل ما نستطيع أن نكون عليه. أكثر شيء أرغب في أن أعلمه لأولادي هو المتوقع منهم أن يؤدوه في الحياة والطريقة التي يجب أن ينظروا للحياة من خلالها.
كيف تحبين أن يتذكرك العالم؟
لم أفكر يوماً كيف أريد أن يتذكرني الناس، ولكن أحب أن أترك بصمة إيجابية دائماً. أحب أن يتذكر العملاء أنني قمت بقدر المستطاع. تحديداً لفستان العروس، فهنا لست أصمم فقط فستاناً بل أشارك في أهم ذكريات حياتها. أحب أن أترك بصمة أنني قمت بأفضل ما عندي.
ما هي مقولتك في الحياة؟
الحمد الله.
ماذا تقولين لكل سيدة نخاف من أن تقوم بخطوة نحو تحقيق ذاتها على الصعيد العملي؟
لا يوجد شيء اسمه خوف، كلمة خوف تأتي من طاقة لا تقودنا إلى أي مكان. قارني أفعالك وأفكارك بالسلبي والايجابي. أنا قلقة: سلبي، أنا أخاف: سلبي، أنا سأقوم بذلك: إيجابي، أنا أرغب: إيجابي، يجب أن نحذف كل السلبيات، ونترك أنفسنا كالريشة في الحياة. يكتشف الانسان في الحياة، أن لا حول له ولا قوة، نحن هنا لنقدم أفضل ما عندنا. لذلك أقول لها ألا تفكر بأي شيء سلبي ممكن أن يقف أمام قدراتها.
ما هو الحلم الذي لم تحقيقيه بعد؟
السعادة الحقيقية تكمن في سعادة الآخر. فأنا أحب أن أقوم بخطوة نحو الناس المحتاجة. أرغب بأن أتمتع بوقت يسمح لي أن أقوم بشي مفيد للمجتمع.
نصيحتك لكل عروس؟
قبل أن تفكري بفستان الزفاف كيف سيكون، فكري بأنه سيبقى في الصور وذاكرتك لفترة طويلة. لا ينفع أن نختار فستانا يتبع آخر صيحات الموضة، بل على الفستان أن يشبه العروس، كما عليها أن تحبه.
حاورتها: شارلين الديك يونس