أمضت المصممة اللبنانية Nour Kays طفولتها بين أحضان الطبيعة، فأحبت جميع عناصرها. حولت نور هذه المشاعر الى علامة تجارية تحمي من خلالها هذه الطبيعة، التي نخسر عناصرها يوماً بعد يوم، لتقدم للبلاستيك دورة حياة ثانية على طريقتها. لنتعرف أكثر على المصممة وعلامتها التجارية وأهدافها أجرينا هذه المقابلة وعدنا إليكم بالتفاصيل.
تخرجت من لندن وعدت الى لبنان عام 2013 لتطلقي علامة NK by Nour Kays أي حدث دفعك لاختيار الاكياس البلاستيكية لصناعة الحقائب؟
بدأت الفكرة عندما كنت أعمل على مشروعي النهائي بجامعة Kingston في لندن، لأحصل على ماجستير في التصميم والتواصل. أردت أن أستخدم النفايات وأحولها الى شيء جديد. فأنا أعتقد أن استخدام المواد الخام هدر للمواد، حيث إننا نستهلك ونهدر الكثير من المواد في حياتنا اليومية، وخاصة المواد البلاستيكية التي تحتاج الى سنوات لتتحلل. نظرت من حولي ورأيت أنني أكدس عدداً كبيراً من الأكياس البلاستيكية تحت المغسلة الخاصة بي، وهكذا بدأت عملية الاكتشاف. كما طلبت من الأشخاص في الجامعة والأصدقاء إعطائي الأكياس البلاستيكية المستخدمة. لماذا البلاستيك؟ لأنه في ذلك الوقت في لندن، كانت أكياس البلاستيك مجانية ومن السهل جداً أن تتراكم. ولم تكن حملات التوعية حول البلاستيك منتشرة كما هي عليه اليوم.
أخبرينا عن مراحل عملية تنفيذ الحقائب؟
تبدأ عملية الانتاج عن طريق جمع الأكياس البلاستيكية غير المرغوب فيها. بدأت بجمعها من العائلة والأصدقاء، وثم ساعدتني وسائل التواصل الاجتماعي. كبرت الدائرة وتوسعت، ونحن الآن نجمع الأكياس من الشركات التجارية، حيث خصصنا صناديق لذلك. يتم غسل الأكياس وإعدادها من خلال تنظيفها باستخدام الاسفنج والمياه، وبعدها نقصها بطريقة لتصبح مسطحة، ثم نقوم بترتيبها بحسب اللون لتسهيل عملية توضيب الأكياس المختلفة. وبعدها نضع الأكياس مع بعضها، لتشكل مجموعة ألوان مختلفة، ونرسلها الى الاختصاصي الذي يحولها الى صفائح. نقصها حسب الأنماط، في أشكال مختلفة وبسيطة، ونرفقها بالعناصر التي نرغب بإضافتها، ومن ثم نرسلها الى خياطنا الذي يعمل عليها لنضمها الى منتجاتنا. ينتج عن العملية قطع غير مرغوب بها، نجمعها ونعيد استخدامها في عملية ابتكار منتجات جديدة.
ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال هذه العملية؟
نظراً لعملية الانتاج الخاصة بنا، يكاد يكون من المستحيل تكرار التصميم نفسه مرتين، بما أن الألوان تختلف من كيس بلاستيكي الى آخر، وحتى النوعية تختلف. لذلك فمن الصعب تزويد العملاء بالتصميم نفسه مرتين. لا يمكنني اعادة تصميم منتج كان لدينا من قبل، يمكن أن نقدم شيئاً مماثلاً ولكن ليس مطابقاً. مما يجعل كل منتج فريداً من نوعه.
كيف ستؤمنين الاستمرارية لتأمين المواد البلاستيكية التي تستخدمينها؟
لم نواجه أي نقص في المواد الخام حتى الآن، ولكن إذا لزم الأمر وبسبب زيادة الطلب، يمكن أن نتخذ إجراءات، كجمع أكياس اضافية من جامعي النفايات في المدينة. فهم مستعدون لتزويدنا مجاناً بالأكياس البلاستيكية الناتجة عن عملية الفرز.
هل تفكرين في التوسع واختيار مواد ثانية قابلة لإعادة التدوير؟
نرى المزيد والمزيد من البلدان التي تنفذ حظر الأكياس البلاستيكية، وبالرغم من أن لبنان يبدو بعيداً عن كل شيء صديق للبيئة، لا يسعنا الا أن نتوقع حدوث ذلك في يوم من الأيام. لذلك ذكرنا منذ بداية مشروعنا أن هدفنا التالي هو الانتقال الى استخدام مواد اخرى من النفايات. بالنسبة لنا في NK هذه بداية الرحلة، وهناك بعد الكثير لنحلم ونقوم به، ولكننا على ثقة أن الفرص لا تنتهي. هدفنا أن نصبح في العامين المقبلين علامة تجارية تتبع مفهوم الاستدامة بشكل كامل، مع التأكد من أن جميع العناصر التي نستخدمها يتم اختيارها بوعي، ولهذا نحن بحاجة الى البحث عن بدائل أفضل للمواد التي نستخدمها حالياً.
ما هو العمر المتوقع لحقيبة مصنوعة من البلاستيك؟
نحن نعمل منذ ما يقارب الخمس سنوات، ولدينا أشخاص لا يزالون يعتمدون المنتجات التي اشتروها منذ ذلك الوقت. ومع ذلك، مع مرور الوقت يصبح البلاستيك أكثر ليونة ويتغير ملمسه. نعمل على تحسين عملية الانتاج، مما يجعل المواد أكثر ثباتاً وتناسقاً. نتبع مبادئ الاقتصاد الدائري، من خلال التفكير بدورة الحياة الكاملة لمنتجاتنا. فلا نضيع أي قطعة من المواد التي نستخدمها في منتجاتنا، من خلال اعادة استخدامها أو لملء أكياس الوسائد الخاصة بنا.
كيف يتفاعل الزبائن مع حقائبك؟
يشعر الكثير من الناس بالصدمة عندما يعلمون أن الحقائب مصنوعة من الأكياس البلاستيكية. غالباً ما يحب الناس منتجاتنا بسبب شكلها الجميل، و”الاستدامة” عنصر إضافي. ولكن هناك ناس يأتون الي لمجرد أن هذه المنتجات معادة التدوير ويرغبون في دعم القضية.
يحظى موضوع الاستدامة اليوم بأهمية كبيرة، كيف يؤثر ذلك على علامتك؟
نعم فعلا! لقد بدأت بعلامتي التجارية قبل أزمة القمامة في بيروت وقبل هذه الضجة. لقد لاحظت تحولاً في وجهات نظر الناس، من ناحية الوعي والفضول. هناك الكثير من شركات القطاع الخاص والعلامات التجارية الصديقة للبيئة التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية. وأصبحت بيروت تجمع بين العلامات التجارية المستدامة التي تعرف وتدعم بعضها. أتاح هذا لنا الفرصة لنقيم مناسبات محورها الحياة المستدامة. الحدث الأول كان عندما قرر أن يتخذ اسبوع الموضة في بيروت من الاستدامة موضوعاً له، وتلته أحداث عديدة. كما أقيمت فاعليات لتنظيف الشاطئ، وتم انشاء مركز خاص بالاستدامة من قبل جوسلين كهدي، مؤسسة Recycle Lebanon وافتتحت مؤخراً أول “سوق بيئي” في بيروت، وأنا جزء منه.
ما هو هدف علامتك التجارية الأساسي؟
مهمتنا أن نجعل من الموضة الواعية تبدو جميلة من خلال تقليل كمية الأكياس البلاستيكية التي تنتهي مرمية في الطبيعة، واعادة استخدامها بطريقة مبتكرة وتحويلها الى منتجات جديدة عالية الجودة. واعطاء هذه الأكياس دورة حياة جديدة.
عندما كنت طفلة، أختي التوأم وأنا قضينا الكثير من الوقت في الجبل والطبيعة وحول الأشجار، وكنا نتناول الخضروات والفاكهة من الأشجار التي زرعها جدي، ونلعب بالرمل والطين ونتسلق الأشجار ونمشي في الطبيعة والأنهار ونلعب مع الحيوانات والحشرات. أعتقد أن هذا كله شكل الشخص الذي أنا عليه اليوم وسبب احترامي للطبيعة. لم أخطط كي أصبح سيدة أعمال صديقة للبيئة، لقد حصل ذلك من دون تخطيط، وكنت أعتبر أن أكياس البلاستيك مشكلة، ووجدت حلاً لإبعادها عن الطبيعة وتلويثها.
ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟
منتجاتنا بسيطة وأساسية وعملية بشكل عام، نحن لا نتبع اتجاهات الموضة. هي مصممة بشكل بسيط، وغالباً ما تكون أشكالها مسطحة، كما أنها مصنوعة بأقل مواد ممكنة، مع الحفاظ على متانتها وشكلها الجميل واستخدامها العملي. لا يزال خط منتجاتنا صغيراً الى حد ما، وبالتالي نخطط للتوسع بطرق عدة. نحن نخطط للتوسع في تصميم المنتجات من خلال تصميم خطنا الخاص لصناديق التعبئة والوسائد، وبالفعل نقوم حالياً بتطوير هذه النماذج. نخطط أيضاً لتطوير خط حقائبنا وتلك الصغيرة، وذلك بالإضافة الى تصاميم جديدة. كما قمنا بتجربة تصاميم مثل الصنادل والمعاطف. لقد أجرينا هذه التجارب وتوصلنا الى طرق عديدة وجديدة لاستخدام المواد.
هل تظنين أن الخطوات التي تقومين بها قد تساهم في التأثير بطريقة ايجابية على الواقع البيئي الذي يعيشه العالم اليوم؟
نعم، ولكن بنسبة صغيرة جداً. منذ أن بدأنا العمل، تمكننا من تحويل ما يقارب 10,960 كيساً بلاستيكياً الى منتجات بدلاً من رميها في مطامر النفايات والطبيعة والمحيطات. لقد نجحنا في إطالة العمر الافتراضي لتلك الأكياس البلاستيكية المستخدمة. وبما أن هذه الأكياس لا يمكن اعادة تدويرها بشكل كامل، فالحل هو تحويلها الى مواد جديدة قابلة للاستخدام. اعطيها حياة جديدة لأبعدها بقدر المستطاع ولأطول فترة ممكنة عن الطبيعة.
ما هو الحلم الذي ترغبين بتحقيقه؟
على المستوى العملي والعلامة التجارية، أتمنى أن تنمو لتصبح وظيفة بدوام كامل، فحتى الآن أقوم بهذا كوظيفة جانبية وهواية. تبدأ القيمة الاجتماعية للمشروع من خلال إشراك المجتمع، عن طريق تزويده لنا بالمواد الخام، أي الأكياس البلاستيكية المستخدمة. نحن ننشر الوعي من خلال الاستفادة من النفايات. كما نوفر فرص عمل للحرفيين المحليين، ونأمل أن نوفر فرص عمل خضراء للسوق المحلي في المستقبل. نقيم ورش عمل في الاستوديو الخاص بنا ونعطي محاضرات في المدارس والجامعات ومناسبات مختلفة.
ما أقسى تعليق تعرضت له؟
قيمة المنتج مقابل سعره. يفترض بعض الناس نظراً الى أن الحقائب مصنوعة من “النفايات” فيجب أن يكون سعرها منخفضا. لكنهم لا يأخذون بعين الاعتبار عملية التصنيع التي مرت بها هذه المواد لتتحول الى هذا المنتج الجديد. وحقيقة نعمل مع حرفيين ونقدر الأشخاص الذين نعمل معهم. كما أننا نتبع مفهوم الأزياء البطيء وننتج دفعات صغيرة. نطبق مفهوم “النمو التدريجي” الذي يسمح لكل حرفي أن يتقدم، بمعدل إنتاج يتناغم مع حياتهم الشخصية.
نصيحتك لكل شخص يرغب بأن يقوم بخطوة نحو الاستدامة ويظن أنها بسيطة؟
كأفراد، لدينا قوة كبيرة للتغيير. يمكننا تغيير سلوكيات حياتنا اليومية عبر خطوات بسيطة، مثل رفض استخدام عيدان القش البلاستيكية، أو استخدام الحقائب الورقية في محلات السوبرماركت عوضاً عن استخدام الأكياس البلاستيكية. ومن خلال رفضنا هذا، نكون قد ساهمنا في الحفاظ على البيئة واخترنا اسلوب حياة مستدام.أقول دائماً للأشخاص الذين يزودونني بالأكياس البلاستيكية، أن يقللوا من استهلاكها. يجب أن نعي الكمية التي نستهلكها وأين ينتهي الأمر بهذه الأكياس. بما أننا غالباً ما نعتقد أنه بمجرد أن نرمي شيء ما: يختفي ببساطة.
ما هي مقولتك المفضلة؟
العبارة التي تجسد ما نؤمن به كعلامة تجارية: لتنمو باستمرار، اكتشف نفسك.. وتغيّر.
حاورتها: شارلين الديك يونس