بمشاركته في معرض “بلاستيك تشكيل” يوضح الفنان الإماراتي العصامي بدر عباس كيف يغزو البلاستيك أحادي الاستخدام كوكب الأرض، وكيف يشوه جماله ويجعل المستقبل الأخضر حلما بعيد المنال بالنسبة لنا. ويظهر عباس شناعة المشاكل الناجمة عن التسمم البلاستيكي من خلال الأشياء اليومية التي تتسرب إلى حياتنا وسرعان ما تخنق كوكبنا.
ويوجه عباس نداء توعية للعالم من خلال هذا العمل القائم على الفن التكعيبي. تعلم الفنان بدر عباس الفن بشكل ذاتي، وهو عضو في ”جمعية الإمارات للفنون التشكيلية”. . يستكشف عباس في ممارساته الفنية التراث الإماراتي ويستخدم الرموز المستوحاة من التقاليد والثقافات العربية القديمة والحديثة. ويعبر عن نفسه من خلال تفسيراته المذهلة للفن التكعيبي الحديث.
قابلنا الفنان خلال معرض بلاستيك تشكيل وكان لنا هذا الحديث الشيق:
أولاً أخبرنا عن مشاركتك في معرض بلاستيك تشكيل.
أثار اهتمامي المشاركة في معرض ‘بلاستيك’ عندما رأيت الدعوة المفتوحة في صفحة “تشكيل” على إنستغرام.
وبدأت بإنتاج وابتكار عملي بالأسلوب التكعيبي والسريالي المعاصر، مستوحىً من الموروث الشعبي الإماراتي وبيئتنا
المحلية وثقافتنا العربية. وجدت الموضوع ذات أهمية بالغة في مجتمعنا وتوعية الناس بأضرار البلاستيك واجب على كل شخص وفرصة لكل فنان مشارك لكي يوصل الرسالة بطريقته وأسلوبه الخاص لتحفيز النقاش حول البلاستيك وماهي البدائل.
وأنا دائماً شغوف بالمشاركة في المعارض الفنية الجماعية لأنها فرصة لتوصيل فكرتي وفلسفتي إلى العالم وأيضاً لأستفيد وأتعلم من الفنانين الآخرين وفلسفتهم وأساليبهم الفنية.
لماذا قررت المشاركة في هذا المعرض وما هي الرسالة التي تريد إيصالها إلى الجمهور؟
هناك رسالة مهمة وواضحة وواقع نعيشه من خلال المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام التي تلحق أضراراً كبيرة على البيئة وتهدد مستقبل الكرة الأرضية.
وبالرغم من مشاركتي في العديد من المعارض حول الامارات وفي عدة دول من ضمنها معارض في المملكة المتحدة، ولكنها مشاركتي الأولى في معرض فني يتطرق إلى موضوع مهم وحساس لتحفيز النقاش حول الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الملموسة والخيالية لمسألة المواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة واستكشاف حلول بديلة له.
لا تقتصر مهمة الفنان على تقديم الحلول للمجتمع، لأنه بذلك يصبح معلماً أو مدرساً، وبل تكمن في تحفيز النقاش وإظهار تحديات ومشاكل المجتمع، ومن ثم تأتي المؤسسات للنظر في هذه التحديات وحلول هذه المشاكل، وهل نحن كأفراد قادرون على تغيير سلوكياتنا وأولوياتنا؟
حدّثنا عن عملك، كيف بدأته ومما استقيت الإلهام لابتكاره؟
العمل المشارك بعنوان “احتلال البلاستيك” ٢٠٢٠ أكريليك على قماش ١٠٠(طول) x ٨٠ (عرض) سم.
في هذا العمل أوضح كيف يغزو البلاستيك أحادي الاستخدام كوكب الأرض، وكيف يشوش جماله ويجعل المستقبل الأخضر حلماً بعيد المنال بالنسبة لنا. وأُظهِر شناعة المشاكل الناجمة عن التسمم البلاستيكي من خلال الأشياء اليومية التي تتسرب إلى حياتنا اليومية وسرعان ما تخنق كوكبنا. وتمثل القوارير البلاستيكية، انبعاثات الوقود، المصاصات البلاستيكية، أعقاب السجائر، وأكواب القهوة، بعضاً من أخطر العوامل التي تهدد سلامة العالم اليوم. وأوجه نداء توعية للعالم من خلال هذا العمل القائم على الفن التكعيبي.
استقيت الإلهام من الموروث الشعبي والبيئة المحلية والعادات والتقاليد في الامارات والخليج العربي.
أخبرنا عن بداياتك في الفنون والرسم، خاصّة وأنك تعلمت الفن بشكل ذاتي.
فنان إماراتي عصامي تعلمت الفن بشكل ذاتي حيث بدايتي كانت في المدرسة بالألوان المائية عام ١٩٨٣ – ١٩٩١، ثم انقطعت عن الرسم لفترة طويلة وعدت إليها في عام ٢٠٠٥.
كما إنني حصلت على بطاقة الإنتساب كأصغر عضو إلى جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في عام ١٩٩٨. أستكشف في ممارساتي الفنية من التراث الإماراتي والعربي واستخدم الرموز المستوحاة من التقاليد والثقافات العربية القديمة والحديثة. كما أعبّر عن نفسي من خلال تفسيراتي المذهلة للفن التكعيبي الحديث. ورغم أنني بدأت كرسام واقعي أعتمد على النمط
الكلاسيكي، إلا أن أعمالي تطورت في عام ٢٠١٦ لتجسد نمطاً فنياً متميزاً بحد ذاته.
شاركت في العديد من المعارض حول الامارات بالإضافة إلى معارض أخرى في المملكة المتحدة، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، وباكستان.
أين تجد واقع الفنانين العرب والإماراتيين في العالم هذه الفترة؟
أرى واقع الفنانين العرب والإماراتيين في تطور مستمر والبيئة المشجعة في الإمارات وفي بعض الدول العربية ساهمت في هذا الارتقاء إلى حدٍ كبير.
ولكن بالرغم من هذا التطور أرى أيضاً توجه قوي في إنتاج الأعمال التركيبية والمفاهيمية والتصوير والفيديو وأعمال
باستخدام برامج الكمبيوتر أكثر من الفنون الجميلة والرسم بواسطة القلم والفرشاة والألوان.
أرى أيضاً الأعمال يجب أن تنبع من الداخل مما يجسد ثقافتنا العربية والإسلامية لكي نقدم أعمالاً جديدة للعالم تخرج من
منطقتنا وليس فقط استيراد الأفكار الغربية والقيام ببعض التعديلات المحلية عليها وإعادة عرضها للجمهور، بل يجب على جميع الفنانين العرب والإماراتيين والمعنيين بالبحث والتشجيع عن فنانين سيقومون بحمل الحركة
الفنية وتطوير الفن العالمي وخلق حركات جديدة لكي تكون المنطقة العربية منبعاً للفن والحركات وللتوجهات الفنية
التي تعتمد عليها العالم في المستقبل ونقطة تحول في المرحلة المقبلة.
ما هو النمط الفني الذي تسلكه في رسوماتك؟
النمط الفني يعتمد على الأسلوب التكعيبي والسوريالي بأسلوب معاصر ومتفرد. أستكشف في ممارساتي الفنية من التراث الإماراتي والعربي واستخدم الرموز المستوحاة من التقاليد والثقافات
العربية القديمة والحديثة.
ما هي أكثر المواد التي تفضّل استخدامها في رسوماتك؟
أفضّل ألوان الأكريليك والألوان الزيتية في معظم أعمالي لأنها تعطي قوة ورونقاً للعمل الفني وتجسد الفكرة بشكل أوضح بالألوان الطاغية وتجعل الأعمال خالدة في ذهن المشاهد.
ما هي الأمور التي ترغب بتجسيدها في لوحاتك؟
التركيز على إظهار الموروث الشعبي والحياة اليومية في بيئتنا المحلية. المواضيع التي أتطرق لها في أعمالي جزء من حياتي اليومية وقريبة من القلب والعقل وتؤثر على حياتنا وأعتقد سيكون له
أثر في المستقبل أيضاً. كما أن نظرتي إلى الحياة والعالم نظرة إيجابية ويلاحظ هذا في إضافة وتجسيد هذه النظرة في أعمالي ويظهر بشكل لا
إرادي الأسلوب الساخر في توصيل الفكرة.
ما هي أكثر التحديات التي واجهتها في مسيرتك الفنية إلى اليوم؟
لأنني بدأت كفنان ذاتي بالأسلوب الواقعي وأعتمد على النمط الكلاسيكي، وجدت صعوبة في البداية للخروج من هذا النمط والتجارب بأساليب فنية مختلفة، وأخذ مني بضع سنين إلى أن وصلت إلى أسلوبي الخاص والمتفرّد لاتعتمد على مدرسة معينة
وإنما مزيج من الأساليب المختلفة والتجارب الفنية.
وعندما بدأت أعرض أعمالي الحديثة والمعاصرة بأسلوبي الخاص إلى بعض الجهات المحلية والغاليريات لم يكونوا
مستعدين لتقبل هذه الأعمال وإنما فضلوا الأعمال المألوفة والتقليدية على أعمالي ووجدوا الأعمال غير مناسبة.
معظم الناس شككوا في إمكانياتي الفنية وهل أستطيع الإستمرار على نفس الوتيرة، والحمد لله استطعت أن أنجح في المواصلة وأن أقدم أعمال يشعرني بالفخر والشجاعة والحافز والاندفاع لتطوير وإكمال مسيرتي الفنية إلى آفاق جديدة بإذن الله.
ما هي الدروس التي تعلّمتها في حياتك والتي ترغب بمشاركتها مع قرّاءنا؟
المخاطرة المحسوبة، والشجاعة، التفكير خارج الصندوق، واكتشاف الذات والشغف، والمحاولة باستمرار
بعد الفشل، التعليم وتطوير الذات والمهارات بشكل مستمر.
قبول آراء الآخرين والنقد البناء منهم بشكل إيجابي ساعدني على تطوير نفسي وأعمالي إلى حد كبير. مهما كان عمرك، لم يفت الأوان بعد وبالرغم أني تعلمت الفن بشكل ذاتي، لم يمنعني أو يكون عائقاً في طريقي لكي أقدم أعمالاً فنية مميزة.
حين تريد البحث عن الهام جديد، أين تذهب أو ماذا تفعل؟
الإلهام يأتيني فجأة قبل النوم، أو في العمل، أو عندما أكون في الطائرة وليس له وقت محدد أو مكان معين.
وأيضاً عندما أقرأ كتاباً أو رواية، أو عند مشاهدة فيلم عن الخيال العلمي والأساطير، أو برنامج وثائقي، أو عندما أحضر
مؤتمر يتحدثون فيه عن مواضيع مختلفة تتعلق بالبيئة أو التكنولوجيا أو الاقتصاد أو الغذاء أو غيرها من
المواضيع التي تهمني، ومنها تأتيني أفكاراً جديدة وإلهاماً للقيام بأعمال فنية جديدة في مواضيع مهمة.
وتفتح آفاقي عندما أزور بلدان مختلفة والتعرف على ثقافاتها وحضاراتها، والتعرف على الحركة الفنية في تلك البلدان لا أفوّت زيارة المتاحف الفنية وبالذات متاحف الفن الحديث والمعاصر عند زيارتي لتلك البلدان المختلفة.
ولكي لا أنسى أي إلهام أو فكرة، أقوم برسمها مباشرةً بالقلم على دفتر الرسم لكي لا تشرد الفكرة من ذهني وتكون مرجعاً لمواضيع مختلفة وأدوّن أفكاري لكي أحولها إلى لوحات وأعمال فنية فيما بعد، واستطعت بهذه الطريقة بتدوين وحفظ مئات
وآلاف الأفكار في دفتر الرسم الذي يعتبر مرجعاً مهماً قبل أن أبدأ في عمل فني جديد.
إضافة إلى ذلك القراءة المستمرة في مواضيع تثير اهتمامي تساعد على توسيع الآفاق والفكر للقيام بأعمال مميزة وغنية بكل المعاني.
أقوم كفنان تشكيلي باكتشاف الذات والنظر إلى الداخل وما هو شغفي وهواياتي والأشياء التي أحبها وتسعدني وأجسدها في
أعمالي لكي تعطي الأعمال طابعاً خاصاً ومميزاً يظهر شخصية الفنان بشكل واضح، وعفوي، وصريح وبسيط
من غير غموض وتعقيد وتشويش أو تقليد.
ما هو التالي بالنسبة لك؟ إلا ما تطمح؟
التالي بالنسبة لي هو؛ الاستمرار والمواصلة في الرسم والمشاركة في معارض محلية وعالمية بقدر المستطاع، وأتمنى قريباً أن أقوم بمعرض شخصي وأتمنى أن أقدم أعمالاً مميزة تؤثر إيجابياً في حياة الناس وتلهمهم.
أطمح أن يستفيد أكبر عدد ممكن من الناس بمشاهدة وتذوق أعمالي وعرضها في متاحف فنية في الدولة في المتاحف العالمية.
أطمح أن أقدم حركة فنية وأسلوب جديد من الأعمال تميز المنطقة العربية والفنانين العرب لكي يكون لهم الريادة في الفن على غيرهم في الأيام القادمة.
القيام بتغيير حياة الناس للأفضل حتى لو كان تغيير صغير وبسيط في البيت أو في العمل أو بإنجاز عمل فني واحد فقط!
الاحتراف وإتقان عملي كفنان وكقائد في عملي وأقدم أفضل ما عندي.
تعلمت أن لا أترك متابعة شغفي حتى لو شكك في إمكانياتي معظم الناس وعدم الاستسلام وأن أرى العالم بشكل إيجابي وتحويل جميع التحديات إلى فرص
ما هي حكمتك في الحياة؟
خدمة الوطن والناس، النزاهة في العمل والحياة، وتطوير البيئة والمجتمع لنتفوق على جميع الأمم
مشاركة ونشر خبراتي ومعرفتي بين الناس لكي يستفيد الجميع
المحافظة على الجذور والهوية من الانقراض
حاورته : ربا نسلي