تدعم مؤسسة Art Jameel الفنانين والمجتمعات الإبداعية، وتعزز برامجها دور الفن في بناء وترابط المجتمعات، ففي الوقت الذي تشهد فيه المجتمعات تغيرات وتحولات هائلة، أصبح هذا الدور أكثر أهمية من أي وقت مضى.
افتتحت “فن جميل” مؤخراً مركز “جميل للفنون”، في دبي ولمعرفة المزيد عن هذه المساحة الفنية أجرينا مقابلة مع مديرة المعرض نورا رازيان.
تدير رازيان برنامج المعارض في مركز جميل للفنون، وتساهم في طرح أفكار التقيّيم في جميع المجالات. شغلت نورا العديد من المناصب الأخرى في السابق حيث تولت إدارة البرامج في متحف سرسق في بيروت، وتولت كذلك تنظيم البرامج العامة بمتحف تيت في لندن، وهي حاصلة على درجة الماجستير في الأنثروبولوجيا والسياسة الثقافية من كلية غولدسميث في لندن، حيث قامت أيضاً بتصميم وتدريس دورة الماجستير في “علم أصول التعليم النقدي في الفضاء المتنازع عليه”، في مركز الفنون والتعلم.
متى اكتشفت شغفك لعالم الفن؟
دخلت الفن من خلال اهتمامي بالتصوير. ولكنني لم أحصل على فرصة العمل في المجال إلا مؤخراً، حينها كنت في أواخر العشرينيات، وقد قضيت مشواراً طويلاً في عالم الفن. درست التصوير ثم ركّزت على العلوم الإنسانية والأفلام، وبهذا الشكل دخلت مجال الفنون البصرية.
كيف جمعت بين مجال الأعمال والفن؟
بدأت حياتي المهنية في الفنون بالعمل في البرمجة العامة للفعاليات، والتقييم الفني للمحاضرات والندوات، وعملت أيضاً مع فنانين على المدى الطويل، وخصوصاً المشروعات، وعادةً بالتعاون مع مجموعات بعينها من الناس. عادةً ما كان يؤدي هذا إلى تنفيذ عدد من الفعاليات التي يمكن إقامتها في مساحات العرض. ومن هذا المنطلق كان أول معرض ثابت عملت عليه بعنوان “المدينة داخل المدينة”، الذي استكشف التداخلات المعاصرة لمدينة بيروت من خلال أعمال خمسة فنانين وجماعات فنية.
أخبرينا عن مؤسسة “فن جميل” وأهدافها؟
تدعم المؤسسة الفنانين والمجتمعات الإبداعية وتشمل مبادراتنا حالياً إدارة مدارس الفنون التراثية وبرامج الترميم، بالإضافة إلى برامج فنية وتعليمية متنوعة لكافة الأعمار. تعزز برامج المؤسسة دور الفن في بناء وترابط المجتمعات، ففي الوقت الذي تشهد فيه المجتمعات تغيرات وتحولات هائلة، أصبح هذا الدور أكثر أهمية من أي وقت مضى.
افتتحت فن جميل في نوفمبر عام 2018 مركز جميل للفنون، الذي يعد مؤسسة عصرية مبتكرة مقرها دبي. وتستعد فن جميل لافتتاح “حي: ملتقى الإبداع” في جدة، عام 2020، الذي سيكون مركزا رئيسيا للأعمال الإبداعية في السعودية.
تعمل المؤسسة بطريقة تعاونية، حيث نفخر بشراكتنا مع العديد من كبرى المؤسسات مثل مؤسسة دلفينا، ومتحف المتروبوليتان للفنون، ومؤسسة مدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية، ومتحف فيكتوريا وألبرت. أما على المستوى المحلي، فتعمل المؤسسة مع الأفراد والمؤسسات لتطوير برامج مبتكرة تشمل التقنيات القديمة والحديثة، وتشجيع ريادة الأعمال والتواصل الثقافي.
بناء على أي أسس تختارون الفنانين الذين تعرضون أعمالهم؟
عملنا في مركز جميل للفنون مع فنانين لديهم رؤية مميزة وطموح في عملهم دأبوا على تقديم أعمال مثيرة للاهتمام ويتمتعون بمستوى معين من الصيت المحلي أو الدولي. كنّا أحياناً نعمل مع فنانين يلمسون بأعمالهم موضوعاً بعينه أو يتبحّرون في لحظة بعينها من التاريخ، مثلما هو الحال في معرضنا الحالي “خام”، الذي يتفحّص دور النفط في تشكيل منطقتنا، من خلال تكوين أرشيف البنى التحتية والتقنيات، وكذلك دور النفط في تشكيل ثقافتنا الاستهلاكية المعاصرة. أما بخصوص سلسلة “غرف الفنانين”، فنحن نعمل مع فنانين لهم وجود مهم في مجموعتنا ربما لم يكن لجمهورنا دراية بهم نظراً لعدم شهرة هؤلاء الفنانين على المستوى المحلي.
ما هي رسالتك كسيدة قيمة على الفن؟
أنا ملتزمة بالعمل مع الفنانين ودعم كل فنان يقدم عملاً يتداخل مع العالم الذي يعيش فيه، وكل من يقدم عملاً يسمح بإعادة تشكيل اهتماماتنا الاجتماعية المعاصرة، أو يفتح آفاقاً لاستكشاف التاريخ، أو المجتمعات، أو المساحات على نحو جديد ومثير للاهتمام. أؤمن بأن التحدي الحقيقي لأي فنان يكمن في كيفية الربط بين شكل العمل ومحتواه على نحو يجعل الأفكار والموضوعات الكائنة في العمل واضحة وجليّة للجمهور، ولكن يطرح هذا أيضاً أشكالاً جمالية جديدة.
ما الرسالة التي تودين أن يتلقاها الشباب الإماراتي من خلال مركز جميل للفنون؟
أعددنا “المجلس الشبابي”، وهو برنامج لتشجيع ودعم الشباب المبدعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً. ويقدم البرنامج فرصة للشباب ليكونوا بمثابة “سفراء” للمركز تُتاح لهم فرصة تصميم برامج مختلفة ومخصّصة لجيلهم. وتمثل هذه المبادرة الأسس الاستراتيجية التي يتبناها وينفذها مركز جميل للفنون.
ما هي الصعوبات التي تواجهها المرأة في مجال الفن التشكيلي برأيك؟
أعتقد أن بعض المعوقات التقليدية التي واجهت المرأة في الفن أو في أي مجال مهني آخذة في التراجع ببطء، غير أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا. وفي الفن بالذات، برغم أن معظم خريجي كليات الفنون من الإناث، إلا أنه لا يزال هناك بعض الاختلال في المساواة بين الجنسين بالنظر إلى كبرى المعارض الفنية حول العالم.
أعتقد أن هذه المشكلة أكثر حدة بالنظر إلى تاريخ الفن والأخذ بعين الاعتبار أن العديد من النساء تعرضن للتهميش بكل بساطة أو أهملهم تاريخ الفن المعاصر، وخصوصاً في هذه المنطقة. إن المشكلات التي تواجهها المرأة في الفن مرتبطة بقضايا هيكلية أوسع حول عدم المساواة بين الجنسين، سواء بسبب التركيز على الحفاظ على الأدوار التقليدية التي تلعبها المرأة داخل البيت، أو المفهوم المترسخ القائم على أن المرأة لا تتمتع برأي سديد في قضايا بعينها في المجتمع أو السياسة أو خلافه. أعتقد أن هذه الفجوة آخذة في الاتساع، كما هو الحال في مجالات أخرى، من منطلق اتخاذ المرأة قراراً بتكوين أسرة، وبالتالي تتباطأ مسيرة الحياة لا محالة وتصبح أكثر جموداً، مما يتعارض مع طبيعة عالم الفن المتسارعة وتيرته على الدوام.
هل الفن رسالة أو أنه مساحة للتعبير عن المواهب والمشاعر؟
أعتقد أن أي عمل، سواء كان تجريدياً أو توثيقياً، ينبع من الرغبة في نقل شيء ما، سواء كان فلسفة جمالية بعينها أو قضية اجتماعية ملحة.
ما هي عبارتك المفضلة؟
ليس لدي مقولة مفضّلة، ولكنني دوماً ما أجد أن أفضل الدروس لدى من يمتلكون خبرة حياتية أعمق، ومن يستطيعون رؤية الصورة الأكبر على عواهنها. دائماً ما نُفتتن بالأمور المُتاحة أمامنا في لحظتها، وسرعان ما نتجاهل الدروس التي تعلمناها من خبراتنا الحياتية، حتى في أزمان مختلفة تماماً عن أزماننا.
أين ترين مركز جميل للفنون في المستقبل؟
أشعر بتفاؤل كبير لمستقبل مركز جميل للفنون، حيث يمكن أن يلعب دوراً هائلاً في تعزيز دور الفن في المنطقة وخارجها. من ضمن أهدافنا الأساسية دعم الفنانين من خلال أعمال جديدة وطموحة، ونحن إحدى المؤسسات الإقليمية القليلة التي لديها برنامج أعمال فعّال. يكمن جزء من دورنا في توفير منصة محلية وعالمية للفنانين المحليين والإقليميين، وهو أمرٌ نتحمس له كثيراً.
أخبرينا عن أبرز الفعاليات التي تعملون عليها لعام 2019؟
نعمل على بعض المشاريع الطموحة للغاية على مستوى المؤسسة بأكملها، انطلاقاً من عرض تركيب حسن خان الصوتي الحائز على جوائز “تكوين لحديقة عامة”، وهو مشروع صوتي متعدد القنوات، مروراً بعرض مجموعة موضوعية تستعرض الفنانين الذين يعملون تجريبياً في المواد، ووصولاً إلى معرض موضوعي كبير يجمع بين الفنون والآثار والتراث.
لماذا يجب أن نزور مركز جميل للفنون؟
هدفنا في مركز جميل للفنون تقديم عمل يتفاعل مع نطاق واسع من الزوّار، المواطنين والأجانب، ولذا سواء كنت تزور متحف فني لأول مرة أو كنت ضيفاً دائماً على المعارض والمؤسسات الفنية، فإنك ستجد ما تتفاعل معه على أمل أن يجعلك تكتشف جديدا. كما يُعد المركز مساحة اجتماعية تسمح لك بأن تقضي أوقات الظهيرة في حديقة “جداف ووترفرونت الفنية”، أو أن تقضي الوقت في التصفّح والقراءة في مكتبتنا، أو أن تشارك في مناقشة فنية، أو محاضرة، أو ورشة عمل.
ما هي رسالتك لكل سيدة ترغب بإطلاق العنان لموهبتها الفنية؟
نصيحتي التي أسديها لكل من يريد العمل في الفن أن يتذكر أنه لا يوجد طريق واحد لدخول الفن، وأن الصفات الأساسية اللازمة هي حب الاطلاع والشجاعة. لا تزال “التواريخ الفنية” كما يُطلق عليها في منطقتنا تُكتب وتُدرس وكذلك غالباً ما كانت التواريخ الفنية التي ندرسها في مرحلة الثانوية العامة تركز على تاريخ الفن الأوروبي أو الأميركي. ولقد تغير هذا كله بالكامل في الأعوام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين أنواع الأعمال التي يتعلمها الناس وأنواع الأعمال المتعلقة بالتواريخ التي يعيشونها.
أنصح بحب الاطلاع واتباع شغف التعلم، وأن تبقى منفتحاً أمام الأشخاص والأفكار والأشكال الجديدة. إن أغلب ما تعلمته كان من خلال العمل والتفاعل مع الأشخاص الملهمين.
حاورتها شارلين الديك