تصعد المصممة نور نجم سلم النجاح خطوة خطوة منذ أطلقت دار الأزياء الخاصة بها عام 2013. تدربت نجم مع عدد من المصممين اللبنانيين العالميين مثل إيلي صعب وربيع كيروز وكارولين صيقلي بعد تخرجها من ESMOD بيروت عام 2012. اتخذت المصممة منذ البداية خطاً خاصاً بها، ان كان على صعيد الاسلوب أو الرسالة الاجتماعية وتمكينها للمرأة.
الفن رسالة وأنت ترجمت هذه الفكرة من خلال عالم الموضة والأزياء. لماذا اخترت هذا المسار؟
نشأت في كنف عائلة فنيّة، في جو عائلي يجمع المهندسين المعماريين والفنانين، تأثرت إلى حدٍّ كبير بكافة الخطوط والألوان والأنسجة في أولى مراحل حياتي. عندما أعيد النظر إلى بداياتي، أدرك أن شغفي بتصميم الأزياء كان مطبوعا منذ الأزل. تعود بي الذاكرة إلى جدتي وهي تخيط ملابسها على ماكينة الخياطة القديمة، مازلت أسمع صوتها حتى اليوم! لم يكن لدينا فضائيات في لبنان، وعندما حصلنا على واحدة، كان جدي يضبط التلفزيون على قناة Fashion TV ويطلب مني أن أجلس برفقته ومتابعة حركة الملابس والألوان النابضة بالحياة والأقمشة المنسدلة على عارضات الأزياء. أظنه كان يسترق النظر إلى العارضات، أكثر من اهتمامه وتذوقه للأزياء الفنيّة آنذاك.
ما هي مبادئ علامتك التجارية؟
شعرت أن تصاميم الأزياء تفتقد إلى الروح، وقد شكّل ذلك رادعا كبيرا بالنسبة لي. لذلك قررت دراسة علم الأحياء في الجامعة الأميركية في بيروت، كنت أرغب أن أصبح طبيبةً، وأن أساعد الآخرين. لكن في نهاية المطاف لا يمكننا الهرب من مهنتنا. بعد مضي سنوات عدة ، التحقت بـمعهدESMOD في بيروت أثناء استكمال دراستي في الجامعة اللبنانية الأميركية. كان ذلك خلال واحد من الصفوف الأخيرة التي تلقيّتها في جامعة LAU؛ ريادة الأعمال، حيث كان لي احتكاك مباشر بالمؤسسات الاجتماعية، عندها لمعت الفكرة في رأسي. بعد أشهر قليلة، أطلقت علامتي التجارية بالتزامن مع إنشاء مؤسسة “كنزة”.
أخبرينا عن KENZA كيف بدأت الفكرة وتطورت؟
نشأت في بلد عاصر الحضارات وكان في قلب تاريخ الآداب، وكنت أؤمن بالقول الشهير “إذا كنت تعلم من أين أتيت، فلن يكون هنالك حدود لأي مكان يمكنك الذهاب إليه”. فموقع لبنان في قلب الشرق الأوسط، جعله شاهدا على العديد من الحضارات التي سطّرت آثارا كبيرة في هذا البلد الصغير. شكّلت وفرة هذا التراث القوة الدافعة لاستكشاف جذوري وتبلور مصدر إلهامي: القصص، الأساطير، الفنون، الهندسة المعمارية بالإضافة إلى تقنيات الحرف اليدوية الموروثة والأشكال الهندسية الناتجة عنها، لقد عملت على استحضار كنوز الماضي ولكن بلمسة من الحداثة والعصرية. أنا أؤمن بالعودة إلى الماضي واستكشاف محيطها بوعي كبير والحفاظ على ما يتلاشى من الحرف والتقنيات، وجمعها مع وسائل مبتكرة لدمج هذه العناصر في مشهد ديناميكي حديث. بالإضافة إلى ذلك، أستوحي الكثير من طريقة عيش الناس في بيروت، وكيف أن الفوضى والحداثة والبناء المزدهر والتقاليد انتقلت من جيل إلى آخر ولا تزال حيّة إلى يومنا هذا. كأنها تتمتع بهذه المرونة تماما كروح المدينة. كل شيء في هذه المدينة كان مصدر إلهام أساسي في مجموعة “نفس”. يتجول الرجال في صباحات أيام الأحد وهم في ملابس نومهم يحضرون وجبة الإفطار ومصاريع النوافذ التقليدية. أما اللباس الفضي فكان حاضرًا في كل مناسبة، كل قطعة كانت بمثابة عمل جميل وكانت الملهم في مجموعة “بركة”. كل مجموعة وكل قطعة تنضح برفاهية الشرق ورفاهية العصر بالقوة والألوان والضوء. تحمل المجموعة ببساطة رسالة مكان هادئ وسلمي وجميل. تمّ إطلاق مؤسسة “كنزة” بالتزامن مع إطلاق علامة نور. تدل علامة الأزياء على التزامها بتصوير المرأة بكامل قوتها وجمالها من خلال مساعدة النساء المحرومات. وتحاكي نور نجم السيدات عبر استمرارية العمل والاهتمام بأدق التفاصيل بدءًا من الحِرَفي إلى المبدع وصولًا إلى الأزياء. مؤسسة “كنزة” هي القلب النابض لعلامة نور نجم، التي تقوم بإحياء التقاليد. في البداية، ترمز المبادرة إلى قطعة صنعتها جدتك يدويًا بكثير من الحب عبر استخدام التقاليد الموروثة التي انتقلت من جيل إلى آخر. تحاكي مبادرة “كنزة” مسألتين رئيسيتين: أوضاع المرأة والحرف اليدوية المحلية المعرضة للزوال. إن معرفة الحرف اليدوية التقليدية وأسرارها كان يهتم بها مجموعة من الرجال الحرفيين، وهم يتجهون اليوم إلى وظائف أكثر ربحًا ويتخلون عن استمرارية مهنة انتقلت من جيل إلى آخر نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة. إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة، سوف نفقد خبرة فنية عمرها آلاف السنين. الغرض من المبادرة تمرير هذه الخبرة من الحرفيين إلى نساء لا يملكن هذه المهارات بل على العكس تمّ تهميشهن في مكان ما. وبالتالي منحهن وسيلة لدمج فرق العمل مع الحفاظ على التراث الثقافي والفني. كمؤسسة اجتماعية، يحاكي جوهر علامة نور نجم مبادرة “كنزة” وهي تعمل على دمج منتجات المؤسسة ضمن مجموعة أزيائها.
ماذا عن مشروعك الجديد والمنظمة غير الحكومية التي تعملين معها؟
Phenomenal Woman منظمة غير حكومية حديثة لمناهضة استغلال النساء. تهدف المنظمة إلى زيادة الوعي والتثقيف والوقاية، وفي الوقت عينه إعادة دمج نساء تعرضن للاستغلال في مجتمعاتهن. تلقيت اتصالا من رنا خوري وكارولين فارا، مؤسستي الجمعية، منذ قرابة ستة أشهر طلبتا مني التعاون سوية. كانت الخطوة الأولى لقاء مجموعة سيدات من هذه المنظمة للاستماع إليهن. كنت أبحث عن مصدر إلهام للعمل، وفي الوقت نفسه تهمني طريقة العمل. بعد الاستماع إلى قصصهن المؤثرة قررنا أن نعلمهن الحياكة، في المقابل عملت على تطوير بعض العناصر البسيطة التي سيجمعنها باستخدام المهارات التي تعلمنها، واستخدام هذه القطع للتعبير عن أنفسهن وإخبار قصصهن. كنا نعمل ثلاثة أيام في الأسبوع، نخيط ونقطع ونطرز ونرسم. بدأنا العمل في 24 أكتوبر، والنتائج حتى الآن مذهلة! يحكي كل شكل وكل لون وكل مادة مستخدمة قصة قوة وولادة جديدة ورحلة ممتعة. استلزم الأمر وجود وإرادة وجهد العديد من الأشخاص الذين ساندونا وقدموا الدعم اللازم لتحقيق هذا المشروع، مثل YWCA، و Lobnan Mahfouz، و Maysoon Sleiman و Sage Parlour. ستطلق كل من جيهان وحنان ومايا ومنى وريتا ونورا وفرح وميسسة قطعهن ضمن مجموعة الأزياء يوم الخميس في السادس من ديسمبر بين الساعة 6.30 إلى 9.30 في Sage Parlour في مار ميخائيل في بيروت.
ما هي العبارة التي سمعتها وبقيت في ذاكرتك؟
كانت أمي تقول لي دوما: “يمكنك الحصول على أي شيء تريدينه في هذا العالم فقط إذا قمتي بما يلزم للحصول عليه”، وهذا يدلّ على العزم والعمل الدؤوب والمثابرة والحب.
ما الذي يشكل مصدر وحيك؟
أستلهم من تراثي. ولدت ونشأت في أسرة من المهندسين المعماريين والحرفيين. ترعرعت في عالم الفن والحرفية في وقت مبكر جدا. كان ولعي معرفة أسباب الفن “لماذا”: الأشكال والألوان والمواد المستخدمة واختيار وسائل الإعلام وشوق الفنانين والحرفيين والرسالة التي يريدون إيصالها عبر عملهم. الخرافات والأساطير وتاريخ الفن والفلسفة والثقافة وعلم النفس والتصوف والجمعيات السرية والآثار البارزة ودور المرأة في المجتمعات وصعود وسقوط الإمبراطوريات والفن والرموز والتعبيرات. فتحت هذه المواضيع كوّنت تصوري الخاص ومصادر إلهامي، وعالمي الشخصي حيث تنبثق رسوماتي المرتبطة بأصولي.
لو لم تكوني مصممة ماذا كنت تختارين أن تكوني؟
لو لم أكن مصممة ربما كنت اخترت عملا له علاقة بالألوان والأشكال والأنسجنة، ربما كنت مهندسة معمارية أو طباخة أو فنانة تشكيلية، شيء يمكنني التعبير من خلاله.
ما هو أصعب شيء في هذا المجال؟
أصعب جزء هو التنقل بين المنافسة والفرص. وهذا أمر ليس سهل خاصة في الحفاظ على هوية الإنسان وأسلوبه ورؤيته الخاصة.
ما هي أفضل نصيحة أعطيت لك؟
أن أكون صادقة مع نفسي في كل ما أقوم به، وأن أحافظ على “لماذا” و”كيف” أقوم بهذا العمل.
ما هو المكان الذي يترأس لائحة الأماكن التي ترغبين بزيارتها؟
مدن مكسيكو وفيينا ودول الأرجنتين وتايلاند، والكثير من الأماكن الأخرى.
ما هو المكان الذي يترأس لائحة الأماكن التي ترغبين بزيارتها؟
آمل أن أحقق ما أحب، ضمن آفاق واسعة.
أكملي العبارات التالية:
الفن.. تعبير عن الذات بشفافية ونقاء.
تصميم الأزياء يعبر.. عن شعور أريد أن أقدمه للنساء والرجال الذين يرتدون علامتي التجارية.
السفر.. غذاء الروح، يغذي الإلهام.
رسالتي.. العودة إلى القيم الأساسية والرموز والمشاعر، جماليا أو شخصيا على حد سواء.
الشيء الذي أرغب أن أغيّره في المجتمع.. سد الفجوة بين الفن والأزياء وتمكين المرأة والتراث والحرف اليدوية التقليدية.
حاورتها: شارلين الديك يونس