إنه عصر المرأة. المرأة القوية والناجحة والطموحة. تنطبق هذه الصفات على شخصية الإعلامية الإماراتية، مهرة اليعقوبي مديرة التدريب والتطوير في قناة سكاي نيوز عربية. توجهنا إلى أبوظبي، للقائها في مكان عملها، لنتعرف على أول مقدمة أخبار رياضية في أبوظبي، والسيدة التي لا تتوقف أبداً عن التخطيط والتقدم. استقبلتنا اليعقوبي بابتسامتها العريضة وإيجابيها المميزة. تعرفوا معنا عن قرب على مسيرتها المهنية، ونظرتها للمرأة ودورها في المجتمع من خلال هذه المقابلة.
كيف تنظرين الى تقدّم المرأة في دولة الامارات العربية المتحدة؟
إذا ما نظرنا إلى الماضي، نرى أن تقدم المرأة في الامارات، ليس سريعاً بل هو نتيجة دراسة. كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، يدعم المرأة، ويقول إنها نصف المجتمع، وطبعاً هذا صحيح. هي نصف المجتمع، نراها موجودة اليوم في جميع المجالات، تعتلي مراكز عليا، سواء في الجهات الحكومية أو الخاصة. وبفضل القيادة الرشيدة في دولة الامارات أصبحت المرأة اليوم تتخذ قرارات في شؤون تخص تطوير المجتمع بشكل عام وخاص.
ما هو الدور الذي لعبته المرأة في الامارات وكيف ساهمت بهذا التطور؟
نرى أن المرأة موجودة ان كان في السياسة أو الاعلام أو الاقتصاد وكل ما يتعلق في الأسرة. كان دمجها في المجتمع، في وقت سابق، محدودا بفكرة تنمية المجتمع، ولكن أصبح اليوم وجودها ضروريا جداً في جميع المجالات. لا يوجد أي شيء مستحيل أمامها. حتى أن الدول المجاورة بدأت تأخذ بعين الاعتبار تشجيع المرأة، الذي بدأت فيه الامارات. نحن نتعلم من الدول المجاورة ومن دول العالم بشكل عام. يجب على الانسان أن ينطلق وينظر الى كل ما يدور من حوله، كي يستطيع أن يبني شيئاً خاصاً به ويتميز. هذا ما قامت به دولتنا، نظرت الى الخارج، لتعود وتستثمر في الطاقات الشبابية، الى أن وصلنا الى هذه المرحلة. ونحن لن نتوقف هنا، فالتطور مستمر. هناك أشياء جديدة تنتظر المرأة في المستقبل.
أخبرينا عن الذكرى التي بقيت في ذهنك من تقديم الفقرة الرياضية في تلفزيون أبوظبي عام 2006؟
قادتني هذه التجربة الى مجال الاعلام بالصدفة. لطالما أحببت التقديم، وحتى في أيام المدرسة كنت أشارك في جميع النشاطات. بينما كنت أتابع دراستي في جامعة زايد، طلب مني أن أتبع فترة تدريبية. ذهبت الى تلفزيون أبوظبي، وهناك رأى الشخص الذي كان يقوم بتدريبي أنني أمتلك قدرات لأصبح مذيعة. عندها سألني إذا كنت أرغب في تقديم الأخبار الرياضية. قاموا بتدريبي لمدة 4 أشهر فقط، وهكذا بدأت رحلتي في عالم الاعلام. كنت أول اماراتية في قناة أبوظبي تقدم الأخبار الرياضية. تابعني الجميع، الشباب والكبار في السن، أرادوا جميعاً أن يتابعوا الاماراتية التي تقدم الأخبار الرياضية. كان شعوراً رائعاً، وهذه من إحدى الخبرات التي لا يمكن أن أنساها أبداً.
ما رأيك بوسائل التواصل الاجتماعي وما هي مفاتيح استخدامها بطريقة جيدة؟
أنا ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل انستغرام وسناب شات. تعتبر الدول الخليجية من أوائل متتبعي التطور التكنولوجي، فنحن نبحث دائماً عن التطور. عندما بدأ يلمع نجم وسائل التواصل الاجتماعي هذه، لاقت رواجاً كبيراً. وبما أنني أعمل في مجال الاعلام، كان علي الانضمام اليها. أنا لا أحب أن أكون موجودة على هذه الوسائل وناشطة من دون أن أفيد الناس. فأستخدمها كوسيلة لأتحدث عن النشاطات التدريبية التي نقوم بها في سكاي نيوز عربية. الهدف من وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة لي هو لأستفيد منها، وأفيد الشباب والمجتمع.
ما رأيك بالـ”مؤثرين” على وسائل التواصل الاجتماعي؟
هناك نوعان من المؤثرين، منهم الجيد ومنهم من يمكن أن نضع علامة استفهام بشأنه. صحيح أنني أقدم فقرة الموضة، ولكن أحياناً لا أجد الوقت أو حتى لا أرغب أن أذهب وأتسوق. في هذه الحالة يمكن لهذه الفتاة التي يطلق عليها لقب “فاشينيستا” أن تنقل لي ما هي الأشياء الموجودة في السوق، وتشكل مصدر وحي بطريقة اختيارها للأزياء وتنسيقها لها. أستطيع أن أتعلم منها عندما تقدم شيئا جديدا.
أما الجزء الثاني فهو الذي يبالغ في التسويق للعلامات التجارية الكبرى التي تكون أسعارها مرتفعة جداً. هم يركزون عليها بشكل كبير. ولكن في المقابل هناك علامات تجارية تقدم أزياء وأكسسوارات في متناول الجميع، ويمكن أن نعتمدها وتبدو جميلة جداً أيضاً. فالمشكلة إذن في هؤلاء الفتيات اللواتي يرغبن بإلقاء الضوء فقط على العلامات التجارية الباهظة الثمن. لما لا يلقين الضوء على العلامات الأخرى؟ هذا دليل على أنهن محدودات. لذلك أنا أحاول أن أطرح المواضيع الخاصة بالموضة بطريقة ثقافية. يجب أن تعرف المرأة الأشياء التي تناسبها، وتلك التي لا تناسبها.
ما هي علامتك التجارية المفضلة؟
علامتا Valentino و Fendi، أنا أحب التصاميم الكلاسيكية والعملية، أنا إنسانة عملية.
أخبرينا أكثر عن الدورات التدريبية التي تنظمونها في سكاي نيوز عربية؟
نختار مجموعة من الشباب من جامعات مختلفة. شباب من مجالات مختلفة ولكنهم يتمتعون بطاقات رائعة، ولكن لا يوجد أحد يوجههم. بدأنا العمل في هذا البرنامج عام 2012، والهدف منه تطوير مواهب الشباب، ليدخلوا مجال الاعلام بطريقة صحيحة. نعرفهم على التقديم والاخراج وكل ما يخص الاعلام ومن ضمنه كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الدورات تفيد المجتمع والجهات الحكومية والخاصة. فبغض النظر عن المجال الذي نعمل فيه نحن بحاجة لنتعلم كيفية التحدث أمام الصحفيين عن انجازات الشركة مثلاً. عدد كبير من المسؤولين في الجهات الحكومية لا يعرفون كيفية التحدث أمام الجمهور أو كيفية إجراء المقابلات، وهذه مشكلة يجب أن نجد لها حلا. فبدأنا من الشباب، كما أننا نقوم بدورات تدريبية مكثفة للإدارات العليا. لا يهم ماذا يقول الشخص، بل الأهم هو كيف يقوله والى أي مدى يترك أثراً على الشخص الذي يسمعه.
ما هي المؤهلات التي يجب أن تتحلى بها المرأة لتكون سيدة أعمال ناجحة؟
يجب أن تثق بنفسها، والثقة بالنفس لا تأتي من الاعتماد على الجمال بل على الثقافة. يجب أن تقرأ وتطلع على كل ما هو جديد في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. تمنحها الثقافة الثقة بالنفس وتزيد جمالها. لا يوجد اليوم امرأة غير جميلة، ولكن التميز يكمن في الاسلوب، في الشخصية وفي الثقافة. نحن الآن لا نحتاج الى سيدة تعتمد على شكلها وغير مثقفة في المجتمع.
ما هي الدورة التدريبية التي تظنين أن كل إعلامي يجب أن يخضع لها؟
دورة الاعلام الشامل. هناك دائماً دورات جديدة. يجب على كل اعلامي اليوم أن يخضع الى دورة الاعلام الشامل. تتيح هذه الدورة للصحفي أن يتعلم تقنيات التصوير والمونتاج وطبعاً التقديم. والهدف هو أن ينقذ نفسه في أي موقف قد يتعرض له. نحن في زمن العولمة وعلى الصحفي أن يكون شاملاً.
متى تقولين لا؟
أقول لا إذا رأيت أن الشيء لا يناسبني. على الصعيد العملي مثلا، إذا عرضوا علي أن أقدم الأخبار السياسية أقول “لا”. لا أظن أن شخصيتي يمكن أن تعطي السياسة حقها. أجد نفسي أكثر في البرامج الثقافية، وتلك التي تتعلق بعالم الموضة طبعاً. تقديم الأخبار السياسية ليس سهلاً، على الشخص أن يكون مستعداً لذلك، وأن تتناسب شخصيته مع أسلوب تقديمها.
ما هي سلبيات وإيجابيات العمل في مجال الاعلام للمرأة؟
على الصعيد العملي، هنالك تحد دائم بين المقدمات اللواتي لا يتمتعن بالثقة بالنفس. ليس الجمال المقياس الوحيد للظهور على الشاشة، بل يجب أن تتمتع المذيعة بأسلوبها الخاص الذي يميزها. يجب أن تترك كل واحدة منهن بصمتها الخاصة على المشاهد من خلال الشاشة. لا أحد يمكن أن يحل مكان الآخر. لكن للأسف الاعلاميات اليوم لا تقتنعن بذلك. هذا التحدي الذي أراه بين الاعلاميات اليوم.
أما على صعيد المجتمع، فيفتخر الرجال ويتحدثون عن انجازاتهم، ولكن المرأة لم تصل الى هذه المرحلة بعد. لا تتحدث المرأة عن انجازاتها، فهي لا تشعر بالثقة دائماً بنجاحها. هذا التحدي الذي أراه، لا يوجد الكثير من السيدات اللواتي يشاركن نجاحهن مع الآخرين. تخاف أن يأخذ أحد مكانها أو هذا النجاح منها.
لكل شخص زمانه، فاذا كنت أنا اليوم لامعة، لماذا لا أترك المجال لشخص آخر ليلمع أيضاً في المجال العملي؟ هناك عدد قليل من النساء اللواتي يشجعن بعضهن للتقدم والنجاح. وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، نورة الكعبي مثال المرأة المتقدمة والناجحة، وكذلك الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة الإماراتية السابقة للتسامح. ونحن كسيدات عاديات في المجتمع علينا أن نلعب هذا الدور وندعم بعضنا. يجب على المرأة أن تكون مترابطة مع النساء الأخريات، وأن تعمل على بصمتها الخاصة. الرجال يتعاونون ويتشاركون نجاحاتهم، ونحن يجب أن نقوم بالشيء عينه.
هل تستطيع المرأة أن تخلق توازنا بين حياتها العملية والعائلية والاجتماعية؟
كلا. صحيح أنهم يقولون إن المرأة يمكن أن تقوم بأربعة أشياء في وقت واحد، ولكن هذا لا ينطبق على العناية بالزوج والطفل والعائلة والعمل، فهذا صعب جداً. يجب أن نبذل جهداً مضاعفاً، وبالرغم من ذلك فلن نجد هذا التوازن. قد يتطلب البيت 80% من وقتنا وخاصة الأطفال، وكذلك العمل، أتحدث عن تجربة. في وقت سابق كنت أعطي 80% من نفسي للعمل و20% للبيت، ولكنني خسرت. لم أر ابنتي تكبر أمامي. شعرت بتأنيب الضمير واكتشفت انني يجب أن أمضي وقتا أطول مع ابنتي. فبدأت أحاول أن أعود الى البيت باكراً لأجلس معها ونخرج معاً.
المجتمع يحتاج لنا وكذلك البيت، هنالك دائماً ضحية. أنا اليوم منفصلة، وأعيش مع أهلي، فالأمور منظمة وهم يقدمون الدعم الكامل لي. لا يمكن لأحد أن يوفق بين كل شيء ويخلق هذا التوازن. تبلغ ابنتي 11 عاما، وهي بحاجة لي كأم وصديقة. نحن لسنا كأمهاتنا، فهن لم يكن يذهبن الى العمل، ولكن المرأة اليوم تربي الأطفال وتذهب الى العمل وهي مسؤولة عن كل شيء. الأمر ليس سهلاً.
ما هي الرسالة التي توجهينها لابنتك؟
ابنتي لا تحب مجال الاعلام، هي تحب الأشياء التي تخص الفضاء والتكنولوجيا. أقول لها دائماً، إذا واجهت شيئا صعبا حاولي أن تجدي له حلاً. أعلمها دائماً أن تعتمد على نفسها.
كيف ترين مستقبلك؟
مشاريعي لا تتوقف. أحب عملي وأحب أن أحقق أهدافاً جديدة كل عام، أبتعد عن الروتين وأسعى للتعلم. أحب أن أكون مستشارة إعلامية في شيء يخص الشباب. أحب أن أشارك خبرتي في الاعلام معهم، وأساعدهم للوصول الى ما يريدونه. عندما تزرعين البسمة في إنسان وتساعدينه ليصل الى ما يريد، تشعرين بالسعادة. أريد أن أصبح مستشارة، وأنا أعمل على ذلك اليوم.
كتابك المفضل؟
Act Like a Lady, Think Like a Man
ما هي مقولتك المفضلة؟
”من لا يعرف الصقر يشويه”، هناك أشخاص يتكلمون عنك بالباطل ولا يعرفون حقاً من أنت. فاذا قال أحدهم مثلاً إنني لست بارعة في عملي، لا أحزن لأنهم لا يعرفون ما الذي يمكن أن أحققه. وعندما أنجز ذلك، هناك الصدمة. الشعور رائع عندما يرون ويلمسون حقاً ما حققت.
رسالتك لكل شخص يريد أن يخوض تجربة التقديم؟
يجب أن يكسر الخجل، فالإعلام يحتاج الى الجرأة، ومن يشعر بالخجل ليس له مكان في هذا المجال.
حاورتها شارلين الديك يونس