لم يعد الحديث عن تكافؤ المرأة والرجل في مجال العمل ودورها الفعال في عالم السياسة أو الموضة أو الصحة هو المحور. فبالنسبة لمعظم دول العالم أصبح الأمر واضحاً، بالرغم من وجود بعض الثغرات التي تصنف المرأة على أنها أقل كفاءة من الرجل في المجالات كافة.
تبدلت صورة المرأة العاملة التي تبحث عن المرونة في العمل، مؤخراً من خلال استفتاء قامت به مدرسة لندن للأعمال للمرأة العاملة “London Business School for professional women”خلال هذا العام.
سئل الحضور ما الذي يجعل من مستقبلهم المهني ناجحاً؟
14% من السيدات رأين أن معيار النجاح يكمن في التوازن بين العمل والحياة؛ بينما أرادت 44% الحصول على الرضا الوظيفي، في حين اختارت 34% المشاركة في تحديد اتجاه شركتهم والقيادة.
إذن المرأة لا ترغب بوقت أطول بل هي ترغب بأن تكون أكثر قوة، وهذه المرونة التي يتحدث عنها الجميع ويضعون المرأة في خانة الشخص الذي يبحث عن الراحة طوال الوقت ليست سوى أفكار لا تتناسب مع الواقع.
ومن المعروف من خلال المنظمات لفترة طويلة هو أن أكبر انخفاض لوجود النساء بين القوى العاملة يحصل عند منتصف الحياة المهنية. في هذا الوقت يتم التقسيم بين الرجال والسيدات في معظم الشركات، وفجأة يبدأ الرجال بالهيمنة. تصبح هذه الظاهرة أكثر وضوحاً خلال الفترة التي تبدأ فيها السيدة بانجاب الاطفال، وبالتالي تأخذ النساء بعضا من الوقت للعناية بهم. ربطت الشركات بين الاثنين واعتبرت أن السيدة تترك العمل لأنها ترغب في تمضية الوقت مع عائلتها. ومع ذلك تشير الابحاث الأخيرة الى أن ذلك قد لا يكون السبب.
فقد قالت سيليا مور، الاستاذة المساعدة لتنظيم السلوك في كلية لندن للأعمال، أن هذا الافتراض ناتج عن “التحيز الجنسي الخير”، فتفهّم أن النساء الأمهات يواجهن تحديات مختلفة أمر مهم للغاية. وأضافت أنه مع ذلك يمكن للمنظمات أن يسيئوا فهم الأسباب التي تدفع النساء خلال حياتهم المهنية الى البقاء أو ترك العمل.
وبهدف التأكيد على ذلك، أثبتت دراسة أجريت من قبل واحدة من شركات المحاسبة الكبرى في التسعينيات، أنهم قد افترضوا أن سبب خسارتهم للنساء هو خيارهن بالبقاء في المنزل، وبعد أن اتصلت المديرة بالنساء اللواتي غادرن خلال الأشهر الستة الماضية اكتشفت أن 80% منهن لا يزلن يعملي في دوام كامل.
إذن فغالبية التحليلات والفرضيات بشأن المرأة وأسلوبها بالعمل وحياتها ليست حقيقية وما علينا سوى البحث عن الحقيقة لمعرفتها. فكما أظهرت الدراسة، المرأة ترغب بأن تكون أكثر قوة وبالمراكز الاكثر فعالية. تجدر الاشارة الى أن هذه الدراسات قد نشرت مؤخراً في صحيفة الجارديان البريطانية.
ولمن يقول إن السيدة لا يجب أن تتصرف كالرجال، أثبتت دراسة أجرتها Stanford Graduate School of Business أن السيدة التي تعرف متى يجب أن تتصرف كالرجال ومتى لا يجب، تترقى في عملها أكثر من الرجال.
فعلى المرأة الناجحة في مجال العمل أن تقدم نفسها كسيدة قوية تثق بنفسها ومهيمنة كما أنها تعرف متى يجب أن تظهر على أنها مرنة وهذا التصرف يؤدي الى نتائج غير عادية. فالنساء اللواتي اتبعن هذه الاستراتيجية وصلن الى مراكز عالية جداً. يبدو أن العديد من السيدات حول العالم اللواتي اتقنن هذه التصرفات وصلن الى مراكز مهمة جداً، جعلت منهن سيدات القرار ان كان في عالم السياسة أو الاعلام أو الاقتصاد والموضة…
فمن لا يعرف مدى قدرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على التأثير في مجريات السياسة العالمية، هذه المرأة القوية هي زعيمة الاتحاد المسيحي الديمقراطي منذ العام 2015، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في ألمانيا. لمعت في مجال عملها السياسي بسبب دبلوماسيتها وقراراتها الصائبة بالتعامل مع الأزمات الدولية.
أما اذا انتقلنا الى عالم الاعلام، فاخترنا مقدمة البرامج الحوارية الأمريكية أوبرا وينفري، التي بدأت حياتها المهنية كمراسلة لإحدى قنوات الراديو وهي في السن الـ19، ومن ثم قدمت برنامها الشهير “people are talking” لمدة ثمانية أعوام، ولكن الانطلاقة الكبيرة جاءت بعد تقديمها “ Oprah winfrey show” الذي كان له تأثير كبير على الرأي العام في مختلف القضايا الاجتماعية والحياتية. تملك اليوم وينفري استوديوهات هاربو وتصدر مؤسستها مجلة “Oprah”.
وبالعودة الى الدول العربية التي تدعم دور المرأة، اخترنا أن نلقي الضوء على الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وهي أول وزيرة امارتية. عينت كوزيرة للاقتصاد والتخطيط عام 2004 ثم أعيد تعيينها كوزيرة للتجارة الخارجية عام 2008 ومن ثم وزيرة للتنمية والتعاون الدولي عام 2013. ساهمت الشيخة لبنى في تنمية التجارة الخارجية وعلى تعزيز دور دولة الامارات العربية المتحدة كجهة مانحة رئيسية وطرف فاعل أساسي في مجال التنمية البشرية على الصعيد العالمي. ومثلت دولة الإمارات في العديد من المنتديات الاقتصادية العربية كمتحدثة ورئيس للجلسات النقاشية.
مفاتيح قوة كل سيدة تتمثل في معرفة متى تستخدم القوة والسلطة والليونة، وهؤلاء السيدات اللواتي اخترنا القاء الضوء عليهن، كل واحدة منهن رسمت ولا تزال ترسم قصة نجاحها على طريقتها، كل سيدة بامكانها أن تصل الى المركز الذي تريد والحلم الذي ترغب في تحقيقه اذا بدأت بالعمل، لأن الكلام لا ينفع والحلم لن يتحقق الا اذا قمنا بالخطوات اللازمة وانت دائماً في الطليعة.
اعداد: شارلين الديك يونس