خرجت آمنة الحبتور، مؤسسة علامة ‘أركاديا’ للعطور الراقية، من عباءة العمل الآمن تحت رعاية العائلة وأسست علامتها التجارية الخاصة بها تحت مظلة شركة “ماش كونسيبتس”، عام 2015. أطلقت منذ ذلك الحين عطوراً فريدة من نوعها، عبرت من خلالها عن شغفها لهذا العالم، كما حققت عبرها نجاحاً بارزاً في عالم الاعمال. تهدف أركاديا اليوم الى ترسيخ ريادتها في المنطقة لكسر الحواجز الثقافية من خلال العطور الخاصة التي تعزز سمعة علامتها التجارية بفضل استخدام مكونات عالية الجودة وصديقة للبيئة. صحيح أن مسيرتها في عالم الاعمال ليست طويلة، ولكنها من دون شك تصعد سلم النجاح بكل ثقة ومعرفة. هي سيدة عربية إماراتية تشكل مصدر وحي لكل إمرأة تفكر وترغب بتحقيق طموحاتها. تعرفوا معنا على آمنة الحبتور، الأم وصانعة العطور وسيدة الاعمال، في هذه المقابلة.
كيف دخلت الى عالم الاعمال وأي مجال اخترت
قبل اتباعي مسيرة مهنيةً تتوافق مع شغفي بعالم العطور، عملت مديرةً للتسويق والاتصالات في شركة “الحبتور للسيارات”، حيث تعاملت مع أفخر العلامات التجارية في مجال المحركات مثل ’بنتلي‘ و’ماكلارين‘ و’بوجاتي‘. بعدها قمت بتوجيه طموحي نحو مسار مختلف لأوظف خبراتي المهنية في تأسيس علامة ’أركاديا‘ للعطور عام 2015. وقد تعلمت كيفية إدارة الشركات الناجحة خلال عملي على مدى سنوات عدة ضمن الشركة الأهلية التي تديرها عائلتي. لكني أردت الخروج من عباءة العمل الآمن تحت رعاية العائلة لأنطلق في فضاءاتي المهنية الخاصة التي تعبّر عن شخصيتي المستقلة، وترتبط بخبراتي العملية وشغفي العارم. ومن هنا ولدت علامتي التجارية تحت عنوان “أركاديا”.
لماذا قررت خوض تجربة صناعة العطور؟
تستوحي علامة ’أركاديا‘ من ذكريات والدتي الراحلة، رحمة الله عليها، حيث شكلت العطور بالنسبة لي طاقة محفزةً تستنهض العواطف وتمنحني القدرة على استحضار العديد من اللحظات المؤثرة بصحبتها، وهكذا أعيد استرجاع المشاهد مراراً وتكراراً. وعندما أيقنت هذه القوة التي تمتلكها العطور، أصبحت مغرمةً بها، ومثّلت أمامي هاجساً يدفعني للدخول إلى عالمها الساحر.
الى أي مدى وجدت صعوبة في البداية كي تجدي مكونات العطور؟
لا أجد صعوبة في إيجاد مكوناتي العطرية فهذه عمليةٌ ممتعةٌ بالنسبة لي، ولكنها تأخذ مني وقتاً طويلاً لاختيار التوليفة المناسبة من المكونات والمزج بينها. فلكل نفحةٍ عطريةٍ قرينٌ ينسجم معها بتناغم تام كلحن أغنيةٍ ما، قد تكون لطيفة ومرحة، أو قد تحمل في موسيقاها إيقاعات قاسية وحزينة. ودائماً ما نبدأ عند ابتكار نموذج عطريّ بالقصة السردية التي يخفيها، ثم نمزج المكونات معاً حتى تضفي شعوراً يعبّر بصدق عن تلك القصة. ويمكن لهذه العملية أن تستغرق بضعة أيام أو قد تطول لأشهر.
أين تصنعون عطوركم؟
من المهم بالنسبة لي أن نقوم بكافة العمليات الإنتاجية ضمن الإمارات العربية المتحدة.
كيف تختارين الاسماء التي تطلقينها على عطورك؟
كما ذكرت سابقاً، لكل عطر حكايته الملهمة الخاصة التي تعود بي إلى الذاكرة لأختبر تلك التجربة الحياتية القديمة. فالعطر يملك بعضاً من القوى السحرية التي تمكّنك من استرجاع لحظات معينة حتى ولو لثوانٍ قليلة، لذلك تشكل تلك الاندفاعة الشعورية التي يسببها عطر ما قيمةً حياتيةً ثمينةً للغاية. وهكذا أقوم بتسمية العطور تيمناً بتلك اللحظات القادمة من عبق الذكريات.
ما هي العلامة الفارقة التي تميز عطورك؟
أعتقد أن ’أركاديا‘ هي الأولى من نوعها في المنطقة باعتبارها تمتلك أصالة العلامة التجارية وأتوقع أن تحظى بتقدير كبير من قبل القرّاء الأعزاء، إذ تتمتع عطور الدار بحضور له معنى عميقا وبعدا آخر يرتبط بالذكاء العاطفي للشخص. لذلك أشعر بالحماس الشديد لأشاهد ابتكاراتي وقد شكّلت جزءاً من الذاكرة الخاصة بقراء ومتابعي المجلة. تمتلك العلامة العديد من العطور الأنثوية، ولكن ضمن هذه السلسلة لدينا ابتكارات تناسب الرجال والسيدات على حد سواء. وتستهدف الدار عبر النوع هذا من مجموعاتها العطرية شريحة العملاء من أصحاب الفكر المعاصر والرؤية التقدمية، الذين يستمتعون بالعيش خارج الإطار التقليدي للتوجهات المجتمعية والثقافية السائدة، ويقدرّون عالياً أهمية الفرادة والمنتجات المتخصصة عالية الجودة.
ما هو عطر Arcadia الذي يمثل آمنة ولماذا؟
من الصعب بالنسبة لي أن أختار عطراً مفضلاً من توقيع ’أركاديا‘، فأنا أستعمل مستحضرات مختلفة من عطور الدار، وأغيّر العطر وفقاً لحالتي المزاجية والطقس وطبيعة المكان الذي أقصده. وهكذا لا أشعر بالملل مطلقاً لأن عطور العلامة تتميز بالتنوع والابتكار. وانطلاقاً من الروابط التي تجمعني مع كل عطر، أشعر بالحيرة عند اختيار المنتج المفضل، ولكن في الوقت الحالي أستمتع كثيراً بالرائحة العبقة لمستحضر ’إنفينيتي‘، وهي تشكيلة محدودة الإصدار مستوحاة من العلاقة التي تربطني بزوجي، حيث قمت بابتكار هذا المستحضر خصيصاً ليوم زفافي، وأصبح بعد ذلك العطر الأشهر بين أصدقائي وعائلتي، وطُلب مني بشكل دائم أن أعيد ابتكاره بعد أن لاقى نجاحاً باهراً في حفل الزفاف.
ما هي الخطوات التي يجب أن تتبعها السيدة لاختيار العطر الذي يناسبها؟
تشكّل العطور بطبيعتها جزءاً من ثقافتنا، وأعتقد أن السكان في منطقة الشرق الأوسط يميلون نحو الروائح الفواحة التي تضمّ نفحات عطرية قوية كالعود والمسك والعنبر، لكني أعتقد أيضاً بأن الذوق الخاص بعالم العطور يعتمد على التفضيلات الشخصية لكل منّا، فجميعنا ينجذب إلى العطور التي تحرك في داخلنا المشاعر، وهذا الانجذاب تعلمناه من خلال تجاربنا الحياتية على مر السنين.
اذا أردت اختيار عطر من علامة تجارية فماذا تختارين؟
هنالك الكثير من العطور التي تستهويني، لكني سأختار عطر ’إينجل‘ من علامة ’تيري موجلر‘ لأنه كان العطر المفضّل لوالدتي الراحلة.
ماذا يعني لك العمل ضمن شركة عائلية؟
يعود الفضل الوحيد لما أعرفه من معلومات حول قطاع الأعمال لوالدي، وهو رجل أعمال ناجح طيب القلب، أثبت على الدوام التزامه بأخلاقيات المهنة التي يمارسها وحكمته التي تتبنى مفهوم الصبر. ولطالما شجعني وأشقائي لاستنهاض طاقاتنا الكامنة وتحقيق أهدافنا، فأنا من أشد المعجبين به كداعم أساسي لنا على الصعيدين المهني والشخصي.
هل وجدت سر التوازن بين العمل والعائلة؟
أنا أمٌّ قبل كل شيء، أقضي الفترة الصباحية من يومي لأطمئنّ على سعادة طفليّ الاثنين، ومن ثم أستعدّ لبقية اليوم، حيث أتوجه إلى مكتبي وأعمل مع فريقي على تطوير عطورات ومنتجات جديدة للعلامة. وقد عزمت على تحقيق التوازن بين الحياة والعمل لذلك أحاول دائماً إنهاء عملي في الوقت الذي تعود فيه طفلتي من المدرسة، كما أسعى مع زوجي في بعض الأحيان لقضاء لحظات عائلية بصحبة الأطفال قبل خلودهم للنوم، ومن بعدها نمضي غالباً أوقاتنا مع الأهل والأصدقاء.
العبرة التي اكتسبتها منذ دخولك في عالم الاعمال وحتى اليوم؟
شكّلت رؤية الرابط الذي يجمع الناس بعالم العطور أمراً ملهماً للغاية، وجعلني أشعر بأهمية ما أقوم به، فقد كنت أعرف مسبقاً المكانة الكبيرة التي يحظى بها قطاع العطورات في أسواق المنطقة، لكنّ متابعة الكيفية التي يتفاعل فيها الناس وهم يغوصون في القصص التي ترويها منتجاتي العطرية وكأنها قصصهم الخاصة كان أمراً مثيراً للدهشة. فما يهمني يتخطى مسألة بيع العطور ويتجه نحو العناية بأدق التفاصيل وتقديم رؤية متكاملة لكل عطر يتواصل معه الناس. وقد تعلمت أهمية استيعاب العملاء وفهم طبائعهم ومتطلباتهم، خاصةً وأن الاحتياجات العاطفية للإنسان تتميز بنكهة عالمية الطابع. لذلك أريد ابتكار عطور تستنهض المشاعر الفطرية المرتبطة بها، وبما أننا نحظى بشريحة ملهمة من العملاء، نجد أمامنا المجال مفتوحاً لتقديم إبداعات من هذا النوع.
اذا استطعت استراق النظر الى المستقبل فأين ترغبين أن تري نفسك؟
عندما أنظر إلى المستقبل، أريد أن أرى نفسي سعيدةً، صحيح أن هذه الكلمة تحمل في طياتها منظوراً شخصياً، لكني أقصد هنا السعادة التي تمنحني الشعور بالبهجة والرضى عن قراراتي الحياتية، وأريد أيضاً أن أشعر بالانطلاق والتحرر في كل الاتجاهات الممكنة، كما أرغب بأن أصبح سيدةً قويةً قادرةً على إلهام الآخرين بما تمتلك من قدرات.
ما هو شعارك في الحياة؟
عامل الآخرين بالطريقة التي تريد أن تُعامل بها بغض النظر عن عمر الآخر أو جنسه أو خلفيته الثقافية أو الاجتماعية.
كيف تصفين اسلوبك الخاص؟
بناءً على الانطباع الأولي قد يبدو جوابي مفاجئاً بالنسبة للبعض، لكني أدين بقدراتي الإبداعية لمسارات التفكير المنفتحة التي أتبناها، فأنا أصغي جيداً إلى أفكار الآخرين وآرائهم لأن ذلك يتيح لي إمكانية التعلم بدلاً من المراوحة في مكاني. فالتعلم منهم ومن تجاربي الشخصية يفتح أمامي آفاقاً جديدةً للتفكير في الأمور من منظور مختلف، وبالتالي يساعدني في اتخاذ القرار السليم ومن ثمّ وضع لمستي الخاصة على ما أقوم به.
حاورتها: شارلين الديك يونس