سعوديّات دخلن مهنة الطهي وتحدّين المفهوم السائد! ومهمّتهن تقديم الأمل والسعادة

Ruba Nesly   |   19 - 11 - 2019

من البديهي أن تكون كون سيّدة ضليعة في الطهي وإدارة المطبخ مهما كان دورها في الحياة العملية والمهنية. فالمفهوم الإنساني للمرأة يقوم على معرفة أن المرأة قادرة على الاعتناء بمتطلبات من حولها من عائلتها، ولكن ما إن تدخل السيدة مهنة الطهي بأوسع أبوابها والمطابخ من خلال المطاعم الراقية والبرامج التلفزيونية حتى تواجه تحدّيات كبيرة. خاصّة وأن هذه المهنة تتطلب الجهد العضلي أحياناً، وبعض الصرامة والحدّة مع باقي فريق العمل لإنجاز المهمات ضمن وقت محدود وجودة عالية.

واليوم نلتقي بطاهيتين سعوديّتين دخلن معترك هذه المهنة التي تمزج ما بين الإبداع والمعرفة والخبرة وقوّة الشخصيّة فإليكم تفاصيل مقابلاتنا معهن!

الشيف السعودية ليلى المعينا:

أريد أن أقدّم الأمل للعديد من النساء العربيات!

إنها شيف ومدرّبة حياة سعودية لديها شغف كبير في الطهي، ليلى كانت تساعد الناس على تحسين جودة حياتهم اليومية من خلال دورات تدريبية لتير مهاراتهم المهنية خطوة بعد خطوة. عملت ليلى في مجال الإعلام لمدة 13 عاماً،

تدرك ليلى أن الطعام نقطة رئيسية لأي أسلوب حياة صحي وأن رحلة تحضير الطعام أبسط وأسرع طريقة لتعزيز هرمونات السعادة في الجسم والتحسين من الصحة النفسية. المغزى بالنسبة لها هو تقديم الحلول والأمل للعديد من النساء العربيات اللواتي قد يتعذر عليهن الوصول إلى معلومات موثوقة للمساعدة الذاتية.

إليكم تفاصيل مقابلتنا مع ليلى المعينا:

من مدرّبة حياة Life Coach إلى شغوفة بالطهي، كيف سلكتي هذا الطريق وهل تتعارض المهنتين مع بعضهما؟

كمدربة حياة تعد أولويتي الرئيسية هي التوعية بأهمية الصحة في جميع جوانب الحياة (الصحة العاطفية والصحة البدنية والصحة الاجتماعية) فهي مفتاح السعادة. يعد الطعام نقطة رئيسية لأي أسلوب حياة صحي، ليس لفوائده المادية وحسب ولكن لفوائده الاجتماعية، حيث تمس ثقافة الطهي جميع الحواس وتعزز التفاعل الاجتماعي والصحة النفسية والجسدية.

إلى أي مدى توفّر ممارسة الطهي السلام الداخلي للمرء وإزاحة التوتّر؟

ممارسة الطهي بوعي يمكن أن تحسن من نفسية الأشخاص بطريقة لا توصف!  حتّى لو لم يكونوا طهاة ماهرين.

يمكن لممارسة الطهي أن يأخذك في رحلة حواس ضرورية لصحتك النفسية (تأملي الخطوات من لحظة تحضير الوجبة حتى الانتهاء منها ثم الاستمتاع بأكلها). عندما يركز الشخص بأي مهمة ثم يكملها، يفرز الجسم هرمون السعادة “الدوبامين”، الذي يحسن من المزاج. وعلى حسب المكونات التي تم طبخها يتم إفراز هرمون آخر للسعادة “السيروتونين”، وأخيرا عندما يتناول المرء الوجبة مع شخص يحبه ويتفاعل معه أثناء تناول الوجبة، يتم إطلاق هرمون الحب “أوكسيتوسين”. يمكن أن تكون رحلة تحضير الطعام أبسط وأسرع طريقة لتعزيز هرمونات السعادة في الجسم والتحسين من الصحة النفسية.

عملتي لأكثر من 13 عاماً في مجال الإعلام، كيف دخلتي إلى عالم التدريب Life Coach والطهي؟

في جميع المناصب التي شغلتها، كان تعزيز مهارات من أعمل معهم إحدى أولوياتي. حيث ينصب تركيزي دائماً على القيادة والعمل الجماعي وتطوير الذات وخلق بيئة عمل إيجابية.

حصولي على الشهادة في التدريب وفتح شركتي “ليلى المعينا للتدريب والتطوير” كانا بمثابة تقدم طبيعي لتجربتي والمسار الذي كان من المفترض أن أسير فيه.

يعد الطهي الصحي عاملاً مهما آخراً في الصحة وهو موضوع لا يدرك الكثير من الناس أنه يؤثر على الحالة المزاجية والإنتاجية لديهم في المنزل أو في العمل. إنه موضوع أشعر أنه ضروري للغاية للصحة النفسية، ولهذا أعمل على تقديم محتوى يركز على أهمية نوعية الطعام.

كونك سيّدة سعودية تعمل في مجال Life Coach والطهي، ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتها للوصول إلى ما أنتِ عليه؟

كنت محظوظة في مسيرتي إلى هذه النقطة. فجميع الصعوبات والتحديات التي واجهتها ساعدتني لأنمو وعززت من مثابرتي وزادت من صبري ووعيي بأهمية الصحة النفسية.

عندما يواجه المرء أي تحدٍ يكون من الصعب عليه أن يتخيل خروجه منه، ولكن وبمجرد انتهاء التحدي يرى الفرد كيف أثرت هذه الفترة على نموه وكيف ساعدت على تطوير وتعزيز شخصيته.

من هو مثلك الأعلى في الحياة وما هي الحكمة التي تقتدين بها في حياتك؟

لدي أكثر من قدوة في بلادي ولكن في الحياة والداي هما قدوتي (أبي سعودي وأمي أمريكية)، لقد تعلمت منهما خلق التوازن لحياة جميلة وتقبل الثقافات والأجناس والعادات المختلفة. ومنحاني حب المغامرة، الذي ما زال يغذي روحي ويشعرني بالسعادة

كيف تبقين على وتيرة واحدة من التحفيز الإيجابي خلال اليوم؟

جميعنا نمر بأيام ولحظات ومواقف سيئة. لقد تعرضت للمعاملة السيئة وواجهت الطلاق والرفض والخيانة في الحياة – خلافاً لما يعرفه معظم الناس. ولكن الأمر الوحيد الذي ساعدني على التماسك والاستمرار في هذه الأوقات الصعبة هو معرفتي أنها ستنتهي فكل الأمور مؤقتة. ودائماً أفعل كل ما بوسعي لأجتاز الأوقات الصعبة. وفي لحظات ضعفي، أعطي نفسي مجالاً للتعبير عن مشاعري، فهذا أمر صحي. وبمجرد أن تنتهي العاصفة، أتأمل وأفكر في كل تعلمته.

وكي أحافظ على صحتي النفسية، أتأكد دائماً من تناغم العمل الجسدي والعاطفي والاجتماعي لدي وأتأكد أنني دائما أعمل على تلبية احتياجاتي، فأتأكد من تغذية جسدي وعقلي بما يحتاجانه للحفاظ على الصحة واستمرارية الحياة.

ما هو الكتاب الذي أثّر بك حين قرأته؟

“قوة اللحظة الآنية” للكاتب الكندي إيكارت تول – قرأته في وقت كنت بحاجة إليه. فكانت قراءته بمثابة صحوة شاملة لي لأفهم أن الحياة هي اللحظة الآنية، وليست غدا أو الأمس وأن الوعي هو ما يجعلنا نشعر بالسلام ونكون أكثر شغفاً.

ماذا أضاف إليكِ برنامجك غذّي مودك على قناة فتافيت؟

لقد منحني برنامجي على قناة فتافيت منصة لمناقشة قضايا الحياة التي نواجها، وسمح لي بتقديم نصائح ووصفات عملية تساعد الأشخاص على تحقيق الصحة النفسية .

إلى أي درجة يمكن أن تساعد البرامج التلفزيونية والإعلام الشيف ليتألق ويصبح مشهوراً؟

لب الموضوع ليس الشهرة. المغزى بالنسبة لي هو تقديم الحلول والأمل للعديد من النساء العربيات اللواتي قد يتعذر عليهن الوصول إلى معلومات موثوقة للمساعدة الذاتية. يتفوق الغرب في مفهوم الصحة النفسية والعالم العربي في بداية الطريق الآن. يسعدني أن أكون في المقدمة وأساعد الآخرين على التحسين من أسلوب حياتهم.

الشيف السعودية لولوة العزّة:

مهنة الطاهي ليست سهلة على النساء

مع شغفها في مجال الطهي إلا أن رسالتها في الحياة هي نقل المرح والدفء والترفيه إلى الطهي أيضاً. تؤمن بالطاقة حين يتعلّق الأمر بالطهي، لم تلاقي الدعم في بداية الأمر للدخول إلى عالم الطهي الذي يسوده الذكور. بدأت أكاديمية الطهي الخاصة بها منذ حوالي 20 عامًا وكانت من أوائل من أقاموا أكاديميات خاصة للطهي في السعودية. ترفع لولوة شعار “العمل الجاد والتفاني والالتزام هم مفاتيح النجاح”.

إليكم مقابلتنا مع الشيف لولوة العزّة:

يعرف عنك بأن لديك مهمّة في إيصال الفرح والمرح والسعادة إضافة إلى الترفيه أثناء الطهي، أخبرينا عن هذا الأمر أكثر؟

خلال تجربتي في الطهي كنت مصممة على إيصال المتعة والسعادة لطلابي، لأنهم يتعاملون مع الطهي على أنه مهمة يجب إنجازها بدلاً من أن تكون متعة يمكن تحقيقها. غالباً أشارك قصصاً من رحلتي في الطهي مع طلابي فهي تشد انتباههم جداً، مثلاً، أخبرهم كيف أنني اعتدت على كتابة الوصفات أثناء صف الأدب الإنجليزي، وكيف اعتدت على الاستئذان من المدرس لمغادرة الفصل حتى أتمكن من الذهاب لطهي الغداء لعائلتي. كانوا يضحكون ويستمتعون بهذه القصص فيصبح الطهي ممتعاً.

يقال في العاميّة أن الطهي “نفس” هل هذا الأمر صحيح؟ وكيف يختلف الطبق من طاه إلى آخر مع ذات المقادير؟

أنا أؤمن بالطاقة عندما يتعلق الأمر بالطهي، فعندما أقدم ورشة عمل للطهي لمجموعة طلاب ومع أن جميع الطلاب بالإضافة إلي نقوم باستخدام نفس المكونات لتحضير نفس الطبق إلا أن كل شخص منا يكون لديه نكهة خاصة. لا يمكن أن يحصل الجميع على النكهة ذاتها في الطبقة لأن كمية الطاقة والحب التي يتم إضافتها تختلف.

كإمرأة أولاً وسعودية عربية ثانياً، هل واجهتي أي صعوبات في شقّ طريقك في مهنة يسيطر عليها الرجال في المطاعم؟

نعم، مهنة الطاهي بالتأكيد ليست سهلة تحديداً للنساء. لقد كانت مهنة يسيطر عليها الذكور في جميع المطاعم والفنادق، وفي بدايتي لم يدعمني أفراد الأسرة المقربين وكانوا ينتقدون عملي وشغفي بالطهي.

كيف قرّرتي أن تبدأي رحلتك المهنية في عالم الطهي، هل واجهتي أي اعتراضات من أي أحد ما؟

قررت أن أعمل في هذه المهنة عندما شعرت بشغفي في الطهي وشغفي في تعليم النساء الطبخ بطريقة ممتعة. لقد واجهت العديد من الانتقادات من بعض أفراد عائلتي لأنها مهنة شاقة وغير مقبولة في المجتمع.

أخبرينا عن الأكاديمية التي أنشأتها لتعليم الطهي خاصة للسيدات السعوديات؟

لقد بدأت أكاديمية الطهي الخاصة بي منذ حوالي 20 عامًا. كنت من أوائل الذين أسسوا أكاديمية للطهي. لقد كانت أكاديمية بسيطة جداً بدأت من المنزل، ثم وبعد أن أصبح لدي سمعة في الطبخ تمكنت من بناء مطبخ احترافي حيث كان للطلاب محطات طهي خاصة بهم وأدوات الطهي. وهذا هو ما يدور حوله مطبخ لولو اليوم، لقد كان حلماً، وأصبح الحلم حقيقة.

أنت متخصصة في الطعام العالمي ولكن مع شغف وحب للطعام الآسيوي والتايلندي، أخبرينا أكثر عن هذا التخصص، وكيف تشجّعين من يدرس الطهي أكاديميّاً باتباع التخصص الأفضل؟

أنا من محبي الطعام الآسيوي وتحديداً الأكل التايلندي والإندونيسي. عندما زرت جزيرة بالي عام 2001  أخذت درساً في الطبخ مع عائلتي وذهبنا إلى السوق لنجمع المكونات ثم نقوم بطهي الأطباق في الغابة. لقد كانت تجربة لا تنسى ومثيرة، وبدأت في تطبيقها مع طلابي، فنذهب في يوم مثلاً إلى سوق إندونيسية ونجمع المكونات ثم نقوم بطهي طبق إندونيسي على أصوله.

دائماً أشجع وأركز على أهمية دراسة ما تحب عندما يتعلق الأمر بالطهي، فهذا ما سيجعلك تتفوق وتطبخ أفضل الوصفات.

بماذا تنصحين كل من تعشق فنون الطهي وصناعة الحلوى، كيف تبدأ حلمها بأن تصبح شيف؟

على النساء اللواتي تهوين الطهي البدء بأخذ دورات على الإنترنت، وإن لم يتمكنّ من السفر للتعلم بأكاديميات الطهي عليهن الاعتماد على التعليم الذاتي. فإذا كنّ شغوفات بالطبخ يمكن أن تصبحن طاهيات حقيقيات حتّى لو كانت بدايتهن من مطبخ المنزل، لأن الخبرة التي سيحصلن عليها في المطبخ والتفنن في ابتكار الوصفات أمور كافية ليصبحن طاهيات محترفات.

أخبرينا عن برنامجك “ولا أحلى مع لولو” على قناة فتافيت، وما الذي أضافه البرنامج إلى مسيرتك المهنية؟

تجربتي مع فتافيت ببرنامج ولا أحلى مع لولو كان لها تأثير كبير وأخذتني إلى مرحلة جديدة في مسيرتي المهنية. كل الوصفات التي قدمتها في البرنامج كانت وصفاتي الخاص ونتيجة عملي وتعبي على مدار السنوات.

إلى أي مدى تحافظ وصفات الطعام على تقاليد وتاريخ البلدان والثقافات؟

أنا أؤمن بأن الوصفات تحافظ على تقاليد وتاريخ الدول والثقافات المختلفة، فيمكنك دائمًا التنبؤ بثقافة الناس وتقاليدهم من خلال طعامهم وما يحبونه من تناول الطعام.

من هو مثلك الأعلى في الحياة وما هي الحكمة التي تقتدين بها في حياتك؟

مثلي الأعلى في الحياة هو والدي. إنه نشيط وإيجابي ومسؤول وملتزم، لقد تمكن من تحقيق جميع أحلامه تقريباً. ومع أنه رجل أعمال ناجح جداً إلا أن هذا لم يؤثر على دوره كأب وزوج. وبفضله إنني على ما أنا عليه اليوم “الناجحة لولوة العزة”.العمل الجاد والتفاني والالتزام هم مفاتيح النجاح.

كيف تبقين على وتيرة واحدة من التحفيز الإيجابي خلال اليوم؟

عندما تحب وتقدر ما تفعله، ستبقى إيجابي ومتحمس طوال حياتك وليس خلال اليوم فقط.

إعداد وحوار: ربا نسلي

المقالات الأكثر مشاهدة