”في 5 يناير 1995 أصبحت أول فنان إماراتي محترف، وكرست كل جهودي طوال حياتي المهنية لتعزيز المشهد الإبداعي لدولة الإمارات، والإسهام في إبراز ثقافتنا الغنية، والمشاركة في أعمالي الفنية حول العالم”. هكذا يعرف الفنان الإماراتي، عبد القادر الريس عن نفسه. لعب الريس دوراً محورياً في إثراء المشهد الفني لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أنه أحد رواد الفن المعاصر في منطقة الخليج العربي. لذلك أردنا من خلال هذه المقابلة أن نتعرف عليه عن قرب، ونلقي الضوء على حياته ورسالته من خلال الفن الذي يقدمه.
ما هي المواد والمهارات الفنية التي تستخدمها لتنفيذ لوحاتك وأعمالك؟ ولماذا؟
بدأت بالألوان الزيتية، وبعد ذلك اشتهرت بالألوان المائية، وتميزت بها وفق كلام النقاد، وانفردت أيضاً بتنفيذ اللوحات بأحجام كبيرة، كتلك الموجودة في متحف الاتحاد. وقد تفرض الحالة الفنية التي يعيشها الفنان تحديد ألوان وحجم لوحة ما، مع أن البصمة الشخصية تبقى حاضرة في كل أعماله.
ما هي العوامل والأجواء التي تحتاج الى توفرها كي ترسم؟
بالنسبة لي، تلعب الحالة المزاجية دوراً فعالاً في الإنتاج الفني. ليس هذا فحسب، بل تأثري بالبيئة من حولي والقضايا السياسية والاجتماعية يعد حافزًا للفنان على التفكير بموضوع لوحة ما، كي يخلد اللحظة أو المناسبة. وأعتقد أن البيئة العامة في دولة الإمارات، وما يميزها من تنوع ثقافي وفني غير مسبوق، تحفز على الإبداع لتقديم أعمال بصبغة عالمية، من دون إغفال البعد الوطني.
ما هي الرسالة التي ترغب في نشرها من خلال أعمالك؟
إلى جانب نشر الوعي لتذوق الفن الحقيقي في أوساط مختلف فئات الجمهور، أحرص على تعزيز بعض القيم من خلال رسائل مباشرة وغير مباشرة في لوحاتي، تشجع على الانتماء للوطن، وصون تراثه، والمحافظة على هويته وعاداته وتقاليده. وأرى انه من المهم لجيل الشباب السير على هذا النهج لرد الجميل للوطن وقيادته، والعرفان بالبيئة الحافزة التي ننعم بها للوصول إلى مصاف الدول العالمية.
من هو الفنان التشكيلي الذي كنت تحب اكتساب بعض المهارات منه؟
في أيام الدراسة كنت متأثراً بالفنان رامبرانت، وبفناني عصر النهضة بشكل عام، لكن بلا شك وجودي في بيئة خليجية وفرت لي الكثير من عوامل الإلهام، ومنها على سبيل المثال لا الحصر السمات المعمارية الفريدة للمباني التقليدية. وفضلاً عن ذلك، ترك الخط العربي تأثيرا عميقا على نهجي، وأصبح ذلك من السمات الأساسية التي تتسم بها أعمالي، وأكسبتني شهرة راسخة في أرجاء شتى حول العالم.
ما رأيك بمشهد الفن التشكيلي في الامارات تحديداً وفي العالم العربي بشكل عام؟
أعتقد أن الإمارات تشهد تطوراً جيداً مع وجود مستويات متفاوتة من الفنانين، وكذلك الحال في الوطن العربي عموما. ومما لا شك فيه أن المشهد الفني في بعض الدول العربية غني بأساتذة كبار على مستوى عال من التميز. وبالعودة إلى الإمارات، أرى أن هناك جيلاً واعداً يستحق الدعم والرعاية، وهنا أود الإشادة بالدور الكبير والمهم الذي تلعبه الجهات الحكومية مثل هيئة الثقافة والفنون في دبي، وما توفره من مبادرات رائدة للأخذ بأيديهم. ومن المؤكد أن هذه الجهود ستأتي ثمارها في المستقبل القريب، وسنرى أعدادا متزايدة من الشباب الذين سيقتحمون هذا القطاع، لترسيخ مكانة الإمارات على الساحة الفنية العالمية.
ماذا أضفت الى ذلك المشهد؟
تميزت باللوحات المائية من حيث التقنية والحجم، وذلك حسب تصنيف النقاد. واخترت لنفسي نهجاً مميزاً يعكس شخصيتي العربية وانتمائي لدولة الإمارات، وهو ما يظهر في الكثير من لوحاتي الأخيرة التي تدل على الانتماء للهوية.
أخبرنا عن معرض “و” وما الذي يمثله بالنسبة لك؟
هذا المعرض الاستعادي الذي سيقام في معهد العالم العربي في باريس يشكل نقلة نوعية لي كفنان، وذلك بعرض مجموعة من أعمالي منذ بداية مشواري الفني إلى الآن في مدينة تعتبر عاصمة الفن في أوروبا. وسيشتمل المعرض على أكثر من 50 عملاً، وهو من تنظيم هيئة دبي للثقافة والفنون، ويمتد من 25 سبتمبر إلى 21 أكتوبر. وتستعرض مجموعة الأعمال مراحل مختلفة من مسيرتي الفنية من الواقعية إلى الانطباعية وصولاً إلى المرحلة التجريدية.
ما هو العمل المفضل لديك الذي قمت به ولماذا؟
أنجزت أعمالاً لا حصر لها منذ بداياتي الأولى، ومع أنه لا يمكنني أن أفضل عملاً على آخر، أتمنى أن يكون العمل الأفضل ضمن الأعمال التي سأقدمها في المستقبل. ويبقى الحكم الخيّر لذواقة الفن من الجمهور والنقاد وهواة جمع الأعمال الفنية.
ما هي المقولة التي تعتمد عليها في حياتك؟
إننا نفخر بأصالة قيمنا المستوحاة من عقيدتنا الإسلامية السمحة وتراثنا العربي الأصيل. وأحرص في كل عمل أقوم به على الوصول إلى أعلى درجات الإتقان، عملاً بالحديث النبوي الشريف: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”. وربما يكون ذلك من العوامل المهمة التي ساعدتني على تحقيق الانتشار في الإمارات والمنطقة والعالم.
ما هي اللوحة العالمية التي تعتبرها أيقونية؟
هناك العديد من الأعمال العالمية التي أعتبرها أيقونية، ومنها على سبيل المثال لوحة جاك لويس دافيد المعروضة في متحف اللوفر في باريس، لكن بشكل عام في كل مرحلة من حياة الفنان توجد لوحات معينة يتأثر بها، ويمكن أن تكون من محيطه أو من الأعمال الشهيرة لفنانين عالميين. إن عين الفنان تكون شديدة التأثر بالكثير من السمات الجمالية من حوله، لتشكل عوامل ملهمة في ضربات ريشته عموماً.
إذا أردت أن ترسم لوحة حياتك فما هو اللون الذي ستختاره ولماذا؟
إن قيام الفنان باختيار ألوان معينة، كالأزرق والأحمر والأصفر وغيرها، يتوقف في المقام الأول على حالته النفسية. وفي الوقت ذاته، يلعب موضوع اللوحة دوراً مهماً في اختيار الألوان، حتى يتمكن من إيصال الانطباع الذي يدور في نفسه، ونقله إلى مشاهد اللوحة بدقة متناهية.
ما هي رسالتك للفنانين التشكيليين العرب الصاعدين؟
إنني أنصح الفنانين التشكيليين الصاعدين بالعمل على تطوير أنفسهم، والاجتهاد في اختيار مواضيعهم، والحرص على توظيف أعلى درجات الإبداع في كل ما يقوم به. وأشجعهم أيضا أن يكون لكل واحد منهم قدوة من كبار الفنانين، والأخذ بالحسبان أن رحلة التعلم لا تتوقف عند سن معين، بل إن الفنان يكتسب مهارة جديدة في كل عمل يقدمه. وإذا اعتقد الفنان أنه وصل إلى اعلى درجات الكمال، فهذا يعني حتما توقفه عن التطور والتفوق.
حاورته: شارلين الديك يونس