بانكسي.. الفنان اللغز “البعض يحاول أن يجعل من العالم مكانًا أفضل، أما أنا فأحاول جعله مكانًا أجمل، فإن لم يعجبك رسمي، يمكنك مسحه”. – بانسكي

editorarabia   |   13 - 11 - 2018

يد‭ ‬واحدة‭ ‬حوّلت‭ ‬صمت‭ ‬الجدران‭ ‬لوحات‭ ‬إبداعية‭ ‬صارخة‭. ‬فأضحى‭ ‬فن‭ ‬الشارع‭ ‬مع‭ ‬الرسام‭ ‬البريطاني،‭ ‬بانكسي‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬دولي‭. ‬وأسمع،‭ ‬الفنان‭ ‬اللغز،‭ ‬العالم‭ ‬صوت‭ ‬المظلومين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ريشته‭.‬

لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬بانكسي،‭ ‬والمعلومات‭ ‬المتوفرة‭ ‬بشأنه‭ ‬تفيد‭ ‬فقط‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬بريستول،‭ ‬عام‭ ‬1974‭. ‬ولمع‭ ‬نجمه‮ ‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رسومه‭ ‬التي‭ ‬جذبت‭ ‬نظر‭ ‬الجمهور‭ ‬لما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬مختلفةً‭ ‬عن‭ ‬الفنّ‭ ‬والفلسفة‭ ‬والسياسة،‭ ‬وقضايا‭ ‬الحرب‭ ‬والرأسمالية‭ ‬والنظام‭ ‬العالمي‭ ‬والأمن‭ ‬واللاجئين‭.. ‬وغيرها‭.‬

يحرص‭ ‬بانكسي‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويته،‭ ‬لأنه‭ ‬يريد،‭ ‬وفق‭ ‬تعبيره،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬بطل‭ ‬المشهد،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬متاحا‭ ‬لكل‭ ‬الناس،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تحده‭ ‬قاعات‭ ‬المعارض‭ ‬والمتاحف‭.‬

شهدت‭ ‬مختلف‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬أعمالا‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬بانكسي‭: ‬بريطانيا‭ ‬وأستراليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬والمكسيك‭ ‬وفرنسا‭ ‬وفلسطين‭.. ‬في‭ ‬سكون‭ ‬الليل،‭ ‬يتسلل‭ ‬كالخفاش‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬لا‭ ‬يتوقعها‭ ‬الجمهور‭ ‬يرسم‭ ‬فنان‭ ‬الغرافيتي‭ ‬بانكسي‭ ‬لوحاته‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬الشوارع‭ ‬والأبنية‭ ‬المهدمة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬يراه‭ ‬معبرا‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬يرسم‭ ‬عنها‭.‬

عُرفت‭ ‬أعمال‭ ‬بانكسي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬تحديدا‭ ‬عبر‭ ‬تبنيه‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭- ‬الإسرائيلي‭. ‬فرسم‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أعياد‭ ‬الميلاد‭ ‬السيدة‭ ‬مريم‭ ‬ويوسف‭ ‬النجار‭ ‬وهما‭ ‬يواجهان‭ ‬جدار‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬طريقهما‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬لحم‭. ‬وعقب‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬زار‭ ‬القطاع‭ ‬عبر‭ ‬الأنفاق،‭ ‬ورسم‭ ‬مجموعة‭ ‬أعمال‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬وأبواب‭ ‬المنازل‭ ‬المهدمة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها،‭ ‬لوحة‭ ‬لقطة‭ ‬تلهو‭ ‬بكرة‭ ‬من‭ ‬معدن،‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬تلعب‭ ‬به‭  ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬المدمرة،‭ ‬وأخبر‭ ‬بانكسي‭ ‬صاحب‭ ‬البيت‭ ‬أن‭ ‬القطة‭ ‬ترمز‭ ‬للحق‭ ‬في‮ ‬الحياة،‭ ‬وترك‭ ‬له‭ ‬حرية‭ ‬أن‭ ‬يبيعها‭ ‬ليعيد‭ ‬إعمار‭ ‬منزله‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬اللوحة‭.‬

قضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬شكلت‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬جسدها‭ ‬بانكسي‭. ‬على‭ ‬الجدار‭ ‬المقابل‭ ‬لمبنى‭ ‬السفارة‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬نفّذ‭ ‬جدارية‭ ‬انتقد‭ ‬فيها‭ ‬تعامل‭ ‬السلطات‭ ‬الفرنسية‭ ‬مع‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬كاليه،‭ ‬شمالي‭ ‬فرنسا‭. ‬فرسم‭ ‬كوزيت،‭ ‬فتاة‭ ‬مسرحية‭ ‬البؤساء،‭ ‬تبكي‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬قنبلة‭ ‬غاز‭ ‬مسيلة‭ ‬للدموع‭.  ‬وفي‭ ‬مخيم‭ ‬كاليه‭ ‬نفسه،‭ ‬رسم‭ ‬بانكسي‭ ‬صورة‭ ‬ستيف‭ ‬جوبز،‭ ‬مؤسس‭ ‬شركة‭ “‬أبل‭”‬،‭ ‬باعتباره‭ ‬ابن‭ ‬مهاجر‭ ‬سوري‭ ‬في‭ ‬الأصل‭. ‬

عام‭ ‬2014،‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬الثالثة‭ ‬للحرب‭ ‬السورية،‭ ‬أعاد‭ ‬بانكسي‭ ‬رسم‭ ‬إحدى‭ ‬أشهر‭ ‬لوحاته‭ ‬لفتاة‭ ‬تحمل‭ ‬بالونا‭ ‬أحمر‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬رسم‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬2002‭. ‬وأشار‭ ‬الفنان‭ ‬البريطاني‭ ‬على‭ ‬صفحته‭ ‬الالكترونية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬رسمه‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬الـ15‭ ‬طفلا‭ ‬الذين‭ ‬احتجزتهم‭ ‬الأجهزة‭ ‬السورية‭ ‬لرسمهم‭ ‬جداريات‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2011‭. ‬

تُنقل‭ ‬بعض‭ ‬أعمال‭ ‬بانكسي‭ ‬عن‭ ‬جدرانها‭ ‬لتباع‭ ‬في‭ ‬المعارض،‭ ‬ولوحة‭ “‬فتاة‭ ‬البالون‭ ‬الأحمر‭”‬،‭ ‬شكلت‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬ظاهرة‭ ‬شغلت‭ ‬العالم‭ ‬الفني‭ ‬مؤخرا‭.‬

بيعت‭ ‬اللوحة‭ ‬في‭ ‬مزاد‭ ‬سوذبي‭ ‬العالمي،‭ ‬بـ1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬إتمام‭ ‬الصفقة‭ ‬حتى‭ ‬فوجئ‭ ‬الحضور‭ ‬بتمزيق‭ ‬اللوحة‭ ‬بشكل‭ ‬ذاتي‭. ‬فتحول‭ ‬المشهد‭ ‬إلى‭ ‬اللحظة‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬المبيعات‭ ‬الفنية‭ ‬لشهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬

لا‭ ‬حدود‭ ‬زمنية‭ ‬أم‭ ‬مكانية‭ ‬لظهور‭ ‬أعمال‭ ‬الفنان‭ ‬البريطاني‭ ‬المجهول‭. ‬وكذلك‭ ‬لا‭ ‬معلومة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬سيكشف‭ ‬هويته‭ ‬الحقيقية‭ ‬يوما‭ ‬ما‭. ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬المضمون‭ ‬أنه‭ ‬يبرع‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬رسائله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتسلل‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الجدران‭ ‬معبرا‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يجيدها‭.‬

الصور‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬www.banksy.co.uk

المقالات الأكثر مشاهدة