مقابلة مع نورة علي الرمحي.. الأم والفنانة المبدعة

Ruba Nesly   |   21 - 03 - 2020

في يوم الأم نركز على قصة ملهمة للفنانة نورة علي الرمحي، التي شاركت في معرض بلاستيك تشكيل وشاركت بعمل فن الكولاج التجريدي. تعمد على عدم رمي الأكياس البلاستيكية بل استخدامها في لوحاتها وتحويلها إلى أعمال كولاج ضخمة.  وهذا العمل ساخر للغاية بطبيعة الحال، ويركز على إدماننا على وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات الالكترونية التي نقدم أنفسنا بها. وهو يعكس حنين الفنانة إلى الفترة التي سبقت ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، قبل الصور المزيفة والمنقحة، قبل حالة التصنع التي نعيشها اليوم باستمرار. وغالبا ما تستوحي الأشكال الموجودة في أعمالها التجريدية من الزهور والطبيعة والشعاب المرجانية والأشجار

نورة علي الرمحي هي فنانة إماراتية ولدت في لبنان، بدأت السعي وراء شغفها الفني مطلع التسعينات. خلال فترة دراستها الجامعية في بيروت، انجذبت إلى أسواق الخزف وبدأت الرسم على الصلصال. وقد علمت نفسها َ بنفسها، ويركز أحدث أعمالها على أعمال الكولاج كبيرة الحجم والمصنوعة من ورق مزج الألوان بالإضافة إلى الأكياس البلاستيكية.

إليكم حوارنا مع السيدة نورة علي الرمحي حول بداياتها وأعمالها وحياتها كأم لأربعة أبناء، وموظفة وفنانة مبدعة:

أخبرينا عن مشاركتك في معرض بلاستيك تشكيل، لماذا رغبتي بالمشاركة؟

عندما وصلتني الدعوة المفتوحة من “تشكيل” حول معرضهم الجماعي “بلاستيك”، تحمست كثيراً و سارعت بتقديم طلبي. أتعامل مع أكياس البلاستيك منذ العام ٢٠١٨ لخلق لوحات تجريدية وكولاج، وشعرت أن مشاركتي مع “تشكيل” هي فرصة لأنشر رسالة توعوية بشأن الأذى الذي تلحقه أكياس البلاستيك أحادية الاستعمال بنا وبالبيئة من حولنا.

أخبرينا عن لوحتك التي تشاركين بها في تشكيل.

“أونلاين للأبد” هو عنوان عملي المشارك والذي استكملته في يناير ٢٠٢٠. يحمل هذا العمل الإبداعي والممتع عدة رسائل في آن واحد، فهو يمثل هوسنا وإدماننا على وسائل التواصل الاجتماعي التي تعكس حياتنا العامة والشخصية وخصوصاً الفلاتر والعدسات التي تضفي نوعاً من الكمال. لدي شعور بأن شخصياتنا الإلكترونية وسائل التواصل الاجتماعي مزيفة نوعاً ما، مصطنعة، “بلاستيكية” تماماً مثل الأكياس التي استعملتها في صنع لوحتي.

يتطرق “أونلاين للأبد” أيضاً إلى مجتمعنا الاستهلاكي المبالغ فيه، فنحن غالباً ما نتسوق بكميات تزيد كثيراً عن حاجاتنا مما يؤدي بدوره إلى إرهاق أكثر لبيئتنا. أعتبر نفسي مذنبة لتضلعي في عملية الاستهلاك هذه، ولهذا السبب، فإن ملامح الوجوه التي تظهر في عملي هي انعكاس لشخصيتي الذي تتبعته على اللوحة، لكنني أحاول تغيير عادات الاستهلاك الخاصة بي ونشر الوعي للآخرين.

بدأت بالرسم على الصلصال، أخبرينا كيف كانت بداياتك في عالم الفنون التشكيلية؟

بدأت رحلتي الفنية في مطلع التسعينات كمجرد هواية ولم يخطر ببالي ممارستها بشكل احترافي. بدأت بالرسم على الفخار الذي كنت أشتريه من الأسواق الشعبية في بيروت عندما كنت أدرس في الجامعة الامريكية. ومع الوقت تطور ذلك إلى الرسم على الورق وبعدها على القماش. وقد دأبت على استخدام الألوان الأكريليكية لسهولة استخدامها وتنوع الأسطح التي يمكن استخدامها بها (ورق، خشب، قماش، جلد، وبلاستيك).

تستخدمين في رسوماتك ولوحات الكولاج الأكياس البلاستيكية وأوراق مزج الألوان، لماذا تلجئين إلى هذه المواد، وما هي المواد التي تفضّلين استخدامها في لوحاتك؟

في العام ٢٠١٨، اتّخذت قراراً بعدم رمي أي كيس بلاستيك وإعادة استخدام وتكرير الأكياس في أعمالي الفنية. في بعض الأحيان، أقوم بتلوين الأكياس بالألوان الأكريليكية وأحيانا أستخدمها كما هي بلا تلوين وذلك كي يراها المشاهد على طبيعتها دون إخفاء حقيقتها.

ما هي الرسالة التي ترغبين بإيصالها من لوحاتك؟

تتمحور رسالتي حول قناعتي بمسؤوليتنا نحن البشر لحماية كوكبنا، وسنفشل إذا اعتقدنا أننا كأفراد لن نستطيع المساهمة ولو بشكل متواضع في حماية بيئتنا. نحن قادرون على ذلك، وقادرون على لعب دور إيجابي من خلال تعديلات بسيطة على سلوك حياتنا وذلك بالتقليل من استخدام البلاستيك من جهة وإعادة استخدامه وتكريره من جهة أخرى.

ما هو النمط أو الأسلوب الفني الذي تفضّلين استخدامه في لوحاتك؟

بالنسبة لأسلوب عملي الفني، لا أقوم بتحديد الرسمة قبل البدء بالعمل، بل أبدأ العمل مباشرة على القماش أو الخشب دون أن أقيد نفسي باتجاه محدد. ابدأ بفكرة وأتفاعل مع الأشكال والألوان التي تبدأ بالتكوّن أمامي.

يصنّف أسلوبي بالنوع الحر غير المقيد، تحركه أحاسيسي ومشاعري. لم أدرس الفن وذلك له إيجابياته لأنه يحررني من أي قيود أو “قوانين و قواعد” في الطريقة التي أنتج فيها أعمالي.

أنتِ فنّانة إماراتية وأم لأربعة أبناء، وتعملين أيضاً، أخبرينا ما هي التحديات التي واجهتها لإثبات نفسك وتحقيق ذاتك؟

أنا أم لأربعة اولاد (ولدان وابنتان) يمثلون الجانب الأجمل في حياتي، كما أعمل كموظفة في مؤسسة حكومية بدوام كامل وألقى دعماً كبيراً منها ومن عائلتي.

إن التحدي الرئيسي في مجال العمل الفني بشكل عام هو أن يلقى فنّك اهتماماً من قبل أهل الخبرة والاختصاص والناس عامة. المجال الفني في يومنا هذا يبحث عن الفنان الأكثر إبداعاً والذي يميز نفسه عن باقي الفنانين. أعتقد أن الدافع النفسي هو استخدام أعمالي الفنية للمساهمة في المساعدة بالمواضيع الإنسانية العالمية مثل أزمة اللاجئين (لدي مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التي استلهمت جوهرها من قضية اللاجئين)، والبيئة بشكل عام، فقد استطاعت أعمالي تحقيق الانتشار ونيل التقدير الفني. وبصراحة أجد نفسي محظوظة للغاية كوني أعيش في دولة الامارات، حيث يلقى كل فنان ومبدع الدعم الذي يستحق.

كيف تجدين الوقت الأنسب لإنجاز لوحاتك خاصة تلك ذات الحجم الكبير؟

كوني أمّاً لأربعة أولاد، قد علمني ذلك أن أكون في غاية الدقة والتنظيم فيما يتعلق بأموري الحياتية المتنوعة، فأنا أعمل في المرسم الذي بنيته في منزلي، وبذلك أكون إلى جانب أولادي، وبنفس الوقت أملك الخصوصية التي أحتاجها لتنفيذ أعمالي الفنية. وبشكل عام، لا أحب إضاعة الوقت أبداً. لا يروقني قضاء أوقات طويلة في المجمّعات التجارية مثلاً، بل أفضّل أن أتواجد في مرسمي لأكثر وقت ممكن. وفي بعض الأحيان، أدخل المرسم لدقائق قليلة قبيل ذهابي الى العمل.

مما تستوحين أعمالك وما هو أهم مصدر للإلهام لديك؟

إن مصدر إلهامي في أعمالي الفنية بشكل عام مستوحى من القصص الإنسانية ومن البيئة والطبيعة، وكذلك أستوحيها أحيانا من الفنانين الآخرين ومن سفري المتواصل حول العالم.

ما هي مشاريعك القادمة؟

في الوقت الحاضر أعمل على مشروع فني مميز بالتعاون مع ابنتي لمار البالغة من العمر ١١ عاماً.

ونقوم حالياً بالعمل على رسومات بالحبر على أمل أن نقوم سوية بعرضها عند اكتمالها. وسنتبرع بأية ايرادات لمساعدة الطلاب في الجامعة الامريكية في بيروت من غير القادرين على دفع قروضهم التعليمية بسبب الأزمة المالية الصعبة التي يمر بها لبنان.

ما هو أهم درس تعلمته من الحياة؟

إن أكبر درس تعلمته في الحياة هو أنه إذا سعيت بجد وراء شغفك ستحقق السعادة. شغفي هو الفن وأعمالي الفنية هي مصدر فخر لي وأداتي للتواصل مع العالم من حولي.

ما هي حكمتك في الحياة؟

شعاري في الحياة “اغتنم الفرصة متى وجدتها”.

ما هو الكتاب المفضل الذي قرأته وأثّر بك؟

من الصعب اختيار كتاب واحد مفضل لدي، فأنا احب القراءة كثيراً وأقرأ كل يوم. لكن منها:Shantaram  للكاتب جورجي ديفيد روبرتس، وكتاب “الحرب الأمريكية” للكاتب عمر العقّاد، وروايات Khaled Hosseini , Kite tunner, A thousand Splendid Suns , And The Mountains Echoed

الأوسمة

المقالات الأكثر مشاهدة