لدي أحلام عديدة موجودة دائماً في خيالي وأفكاري ولكنني لم أحققها بعد. كما لدي مخاوفي التي تعيق كل عام تقدمي للوصول الى أهدافي. وبما أن ذلك ليس بعيداً عن أي شخص منا، اخترنا هذا العام أن نبدأ صفحة جديدة ومختلفة مع نانسي زخريا أوهانسيان، مدربة الأعمال. تملك أوهانسيان أكثر من 15 عاماً خبرة في مجال التدريب على الأعمال. هدفها مساعدة العملاء على التعمق في وعيهم الذاتي وفهم تأثير تصرفاتهم وخياراتهم على حياتهم. وتسعى جاهدة لجعل العمل الجماعي عملية ممتعة للاستكشاف والالتزام والتغيير الملموس. في هذه المقابلة تجدون دليلاً يساعدكم، لتغيّروا نظرتكم للبدايات الجديدة.
ما هي نصيحتك الذهبية لكل شخص مع بداية العام الجديد؟
نصيحتي هي اتباع عقلية الوفرة والتركيز على الامتنان والتقدير بشكل يومي. يكمن مفهوم “عقلية الوفرة” في رؤية الخيارات والفرص في العقبات والتحديات التي تواجهنا. تأتي هذه العقلية من إحساس داخلي عميق، يعود الى القيمة الشخصية والأمان الداخلي، ليفتح أمامنا الخيارات والبدائل المتنوعة ويسمح لنا بالإبداع. توفر هذه العقلية عدم الاستسلام للقيود، واستغلال الفرص والتركيز على ما يمكن أن ننجزه من خلال نقاط القوة الموجودة لدينا، بغض النظر عما إذا كان ذلك ممكن حالياً. ومن أفضل الطرق للعمل على “عقلية الوفرة” العطاء، الذي يضعنا في إطار فكري أكثر وفرة وتقديراً. وكذلك الامتنان، فأنا أشجع الجميع أن يدونوا عشرة أشياء يشعرون أنهم ممتنون لها بشكل يومي أو أسبوعي، وتذكروا أن الأشياء الصغيرة محسوبة ولها تأثير إيجابي أيضاً. فما علينا الا ان نعمل بهذه الطريقة لنبتعد عن عقلية الندرة، التي تقودنا للنظر الى الأشياء والتحديات بطريقة سلبية، تركز على الأشياء التي نفتقدها.
ما هو الخطأ الذي يمكن أن نقوم به في بداية العام؟
ألا نسامح أنفسنا على هفوات أو أخطاء أو أحداث لم تجرِ كما كنا نتمنى. فاذا تركنا المآسي والفوضى تحدد هويتنا، بدلاً من التركيز على أفضل نسخة من شخصيتنا، فإننابهذه الطريقة نجعل حياتنا مليئة أكثر بالمشاكل والعقد. عدم مسامحة أنفسنا قد يتحول الى نقد ذاتي مدمر، من خلال الحوار الداخلي الذي يدور بيننا وبين أنفسنا، سواء أكان بصوت عال أم بصمت في أذهاننا. وهكذا نعزز الناقد الداخلي ونعطيه أهمية قصوى مما يؤدي الى زيادة التوتر النفسي وفقدان وتقدير واحترام الذات.
كيف نختار أهداف العام الجديد؟
علينا في البداية خلق رؤية لما نريده بشغف. من المهم أن يكون شيئا يثير فينا الحماس، وله قيمة كبيرة لدينا، وألا يكون شيئا علينا أن نجبر أنفسنا على إنجازه. الخطوة الثانية هي تصور هذا الهدف والمشاعر التي تحيط به، والسيطرة لتحقيقه من خلال إيجاد الأسباب التي تدفعنا للوصول إليه، والحفاظ على الدافع العاطفي دائماً. هذه الاسباب والدوافع ستعطينا حافزاً للاستمرار قدماً وتخطي العوائق التي قد تعترض مسارنا. من الضروري أن نحدد معنى الهدف، ونرفقه بسلسلة من الأنشطة اليومية التي تساهم في تحقيقه.
أيهما أفضل وضع أهداف عدة مع بداية العام أم العمل شهريا مثلا على هدف واحد؟
يجب أن تكون الأهداف مرتبطة برؤية نضعها لأنفسنا، لتكون متناغمة وتوصلنا الى الغاية الأساسية التي نسعى وراءها. من الممكن أن نضع هذه الأهداف مع بداية العام، مع جدول زمني. ومن المهم ألا نقع في فخ وضع الأهداف التعجيزية لأنفسنا لننفذها في إطار زمني قصير، أو أن نضع أهدافاً سهلة تبقينا في منطقة الراحة الخاصة بنا. يتطلب تحقيق الأهداف الوقت والصبر، وتتحقق من خلال ممارسة عادات بسيطة بشكل يومي، لتساعدنا للوصول الى رؤيتنا بطريقة منهجية، وتوصلنا في النهاية إلى الهدف.
ما هي عناصر تقييم العام الماضي؟
يمكن أن نقيم الماضي عبر النظر الى الأهداف التي حققناها، وطريقة تعاملنا مع التجارب والصعاب التي واجهتنا، وكيف استفدنا منها لتطوير أنفسنا. ومن الممكن أن نضع لائحة مؤلفة من النقاط التالية:
أفضل وأسوأ اللحظات
الأشياء التي أحبطتنا وتلك التي قادتنا الى النجاح
الجوانب التي يمكن أن نحسنها
الأشياء التي عملنا على تحسينها أكثر من غيرها
العثور على النقاط الايجابية والاعتراف والاحتفال بها
ما هي أبرز الصفات التي يجب أن نتحلى بها لنحقق أهدافنا في الحياة؟
هناك دائماً شقان أساسيان لتحقيق الأهداف: الخطوات التي نقوم بها لتحقيقها، ومن نكون عندما نعمل عليها، أي الصفات التي نتمتع بها. في معظم الأحيان يتم التركيز على الأفعال من دون إعارة أهمية للصفات، على الرغم من أن الشقين يتمتعان بالأهمية عينها.
هناك صفات عدة مهمة:
نحن بحاجة في الدرجة الأولى الى الثقة بالنفس وبقدراتنا لتحقيق ما نصبو إليه، وتحفيز أنفسنا بطريقة إيجابية واعتماد حديث إيجابي مع أنفسنا دائماً.
التحلي بالصبر، صفة أخرى في غاية الأهمية، لأن التغيير والوصول الى غاياتنا لا يحدث فجأة، إنها مسيرة طويلة تتطلب تهذيب النفس والمثابرة على القيام بأنشطة صغيرة بشكل يومي. الأشياء الرائعة تستغرق وقتاً، وأحلامنا تستحق الانتظار.
التحلي بالشجاعة لخوض تجارب جديدة والخروج من منطقة الراحة ضرورة قصوى أيضا.
ومن المهم أن نتحلى بعقلية النمو مقابل العقلية الثابتة، على أن تكون لدينا الرغبة في التعلم والتقدم المستمر. فعقلية النمو ترى أن الفشل ليس دليلا على عدم الذكاء بل نقطة انطلاق مشجعة لننمي قدراتنا الحالية، وكل هذا يحتاج الى الشغف بما نسعى الى تحقيقه.
كما نحن بحاجة الى العزيمة لمتابعة الطريق نحو ما نصبو اليه من دون أن نستسلم قبل تحقيقه. نصادف أحياناً أناساً يحاولون التقليل من عزيمتنا لا يجب أن نتأثر بهم.
الى أي مدى يجب أن تتخذ عبارة “لا” مساحة في حياتنا؟
عبارة “لا” يجب أن تكون ركيزة أساسية في حياتنا، فنحن لا نستطيع أن نجد مساحة للأشياء المفيدة في حياتنا إذا لم نقل لا للأشياء التي تعيق تقدمنا وتستقطب السلبية. لكي نستطيع أن نقول “نعم” للأشياء المفيدة من الضروري أن نقول “لا” للعادات القديمة التي لم تعد تخدم مسيرتنا وتقدمنا وتطورنا. على سبيل المثال، من الضروري أن نقول “لا” لأنفسنا عندما نجد اننا غارقون في دوامة الأفكار السلبية. وأن نقول “لا” للأشخاص السلبيين الذين يؤثرون بطريقة سلبية على أفكارنا وتقدمنا في الحياة. كما يجب أن نقول دائماً “لا” للاستسلام لإرضاء الناس.
ما هي نصيحتك اليومية للحفاظ على الايجابية؟
نصيحتي أن نغيّر نظرتنا للأشياء، ونتبع خطوات صغيرة يكون لها تأثير كبير على تصرفاتنا ونظرتنا للحياة، مثلا:
من المهم جداً أن نجد نقطة إيجابية واحدة في كل موقف نتعرض له، وأن نسأل أنفسنا: ما هي الفرصة الموجودة في هذا الموقف؟
كما يجب أن نعطي أنفسنا الوقت لمعالجة العواطف والأفكار الناتجة عن موقف معين قبل محاولة فرض الأفكار الايجابية على أنفسنا. لأن ذلك لن يجدي نفعاً، طالما أننا في وسط الاضطراب العاطفي.
ومن النقاط الأساسية أيضاً أن يكون الأشخاص، المحيطون بنا بشكل دائم، إيجابيين ومهتمين بمسيرتنا للتطور وقادرين على إضافة قيمة لأهدافنا التي نصبو اليها.
كما علينا أن نتقبل النقد بشكل ايجابي. فهنالك دائماً، على الأقل، اثنان في المائة من الحقيقة في النقد الموجه الينا. فلنبحث عنها لتطوير الذات نحو الأفضل، أو ننظر الى النقد كهدية أو فرصة مقدمة لنا لتطوير أنفسنا.
العيش في الوقت الحاضر مفتاح أيضاً. كم من الوقت نمضيه ونحن نفكر في الماضي وأخطائه والخوف من المستقبل المجهول؟ والنتيجة! ندخل أنفسنا في دوامة من القلق، بدلا من الاستمتاع بالحاضر. من المهم أن نتقدم نحو المستقبل ببطء، لنستمتع باللحظات الحاضرة.
ومن الخطوات التي يمكن أن نقوم بها نشر القيم الايجابية للأشخاص المحيطين بنا، فإننا نسترد ما نعطي للعالم من حولنا، عندما نقدم المساعدة ونشارك في أعمال مفيدة للآخرين نغذي أنفسنا ونرفع من الإيجابية الموجودة لدينا. وعندما نعطي وقتاً للاستماع الى الآخرين ومشاركتهم، فهكذا أيضاً، نعمل على اضافة الإيجابية الى حياتنا.
كما علينا الاهتمام بأنفسنا من خلال ممارسة الرياضة والاهتمام بأسلوب حياتنا، من تناول الأطعمة الصحية الى النوم.
حاورتها شارلين الديك يونس