على العرض أن يستمر! مع توديع الشخصية الأسطورية كارل لاغرفيلد رسمياً من قبل مجتمع الأزياء الراقي الشهر الماضي ضمن حفل تكريمي مؤثّر، يوماً بعد يوم تبتعد دار شانيل عن زمن كارل لاغرفيلد لندخل إلى عالم مصممة الأزياء والمديرة الإبداعية للدار فيرجيني فيارد، التي قدّمت يوم أمس مجموعة الهوت كوتور الأولى لها من دون مساعدة كارل لاغرفيلد أو إشرافه! لا شك أن الأمر محزن لعشّاق المصمم وأسلوبه، ولكن يبدو أن فيارد بدأت بخطّ طريقها الخاص ضمن مجموعة كوتور خريف وشتاء 2019 و 2020 ، مع الحفاظ على الحدود المعروفة التي رسمتها مؤسسة الدار كوكو شانيل والتي أكملها لاغرفيلد.
حوّلت فيارد صالة قصر Grand Palais إلى مكتبة ضخمة مليئة بالآلاف من الكتب، للوهلة الأولى شعرنا بأن هذا الديكور لا يزال تكريماً للاغرفيلد الذي يهوى المطالعة والقراءة ويمتلك مكتبة غنيّة بآلاف الكتب في مسكنه الخاص. إلا أن النشرة الصحفية من الدار أشادت إلى عشق فيرجيني فيارد للمطالعة والقراءة ومدى تأثير الكتب عليها.
إضافة إلى تصميم رسالة تتوافق مع المجموعة التي صمّمتها للمرأة الأكثر شباباً وتشجيعاً لجيل الألفية ليعود إلى المطالعة والقراءة الكلاسيكية.
بدى جليّاً الاختلاف الواضح ما بين أسلوب فيارد وأسلوب الراحل لاغرفيلد في الرسوم الظليّة الخاصّة بعارضات شانيل، بدت الرسومات هنا أكثر طولاً ونحالة مع قطع أزياء وسراويل طويلة وقصّات كتفين ضيقة في بعض الأحيان، وأحياناً أخرى بدت الأكمام منتفخة مع بعض التكسيرات عند الكتفين.
اعتمدت فيارد على الأزرار في اللعب على زخرف التصاميم التي مرّت أولاً فبدت الأزرار نقطة لفت الإنتباه الأولى، بينما تفنّنت في تطويع قماش التويد الذي لطالما اشتهرت به دار شانيل، لاستخدامه في مجموعة كوتور الخريف بأسلوب معاصر ومتطوّر، حيث أحببنا الطريقة التي قدّمته بمختلف أشكال وقطع الأزياء، إن كان عن طريق سترة رسمية، أو تنورة منحوتة، أو سروال جميل بحياكة حرفية ملفتة مع خصر مرتفع ونهايتين واسعتين عند القدمين، أو حتى عن طريق كاب أو معطف طويل مبطّن بلون أحادي.
لفتتنا القصّات المرسومة بخطوط مستقيمة وواضحة، خاصّة الياقات المنمّقة والمرتّبة بأسلوب هندسي وزوايا حادّة، أيضاً رصدنا الأكمام ذات الألوان المختلفة عن باقي لون القميص أو الفستان، والتي بدت مرتّبة وراقية بذات الوقت.
الفساتين أيضاً عكست أسلوب الفتاة عاشقة المطالعة، على الرغم من جمالها مستخدمة أنواعاً مختلفة من الأقمشة الفاخرة مثل المخمل والتويد والشك التي تزيّنت أيضاً بربطات عنق على شكل الفراشة الكلاسيكية أو الياقات التي بدت محيطة للعنق وحاضنة له على شكل الكشكش الأنثوي بأسلوب ماري أنطوانيت.
أما الإكسسوارات التي أحببناها ونريد اقتنائها هي النظارات الطبيّة التي وضعتها غالبية العارضات، وبدت مثالية لكل شكل وجه لأنها كانت على شكل جناحي فراشة صغيري الحجم، إضافة إلى الأقراط الفردية التي وضعت على جهة واحدة من إحدى الأذنين. وتمثّلت باللؤلؤ والريش المنسدل بالمونوكروم الأبيض والأسود. أو الريش الأبيض أو الأقراط المنسدلة باللون الأسود.
أما الأحذية فكانت كلاسيكية باستخدام القالب ذاته الذي اشتهرت به الدار مع استخدام العقدة السوداء أحياناً وتصميم الكعب الرفيع عوضاً عن الثخين.
في النهاية لا يمكننا التغاضي عن المكياج والإطلالات الجمالية المنسّقة بأسلوب نظيف وجذّاب، فالعيون سحرتنا بالآيلاينر المرسوم بخط رفيع وجميل، إضافة إلى البشرة النقيّة مع القليل من الهايلايتر، أما أحمر الشفاه فكان طبيعياً للغاية مع زيادة من اللون الوردي المائل إلى البني. أما الشعر فكان أملساً مربوطاً بأسلوب بسيط ومشدود إلى الخلف، بينما ربط بربطات من الساتان باللون الأسود .