لا شك أن أغلب عروض الأزياء التي تمر هذا العام تقدّم تحيّة عطرة إلى روح المصمم الأسطوري كارل لاغرفيلد لا سيّما تلك التي كانت تحت إمرته الإبداعية لأعوام طويلة، ومن بينها دار فيندي التي قدّمت يوم الخميس الماضي عرضاً لمجموعة أزيائها الراقية تبعاً لأسبوع الهوت كوتور في مدينة باريس ولكن في مدينة روما الإيطالية!
لماذا مدينة روما؟
اختارت المدينة الإبداعية لدار فيندي Silvia Venturini Fendi التي عملت يداً بيد مع كارل لاغيرفيلد على مدى عشرات الأعوام الماضية، مدينة روما ليتم عرض مجموعة كوتور خريف وشتاء 2019/2020 فيها. وعلى الرغم من أن المكان كان مخططاً له قبل وفاة كارل لاغرفيلد في شباط فبراير الماضي إلا أن العرض كان يجب أن يبقى كما خطط له، مع تحيّة خاصّة تم توجيهها إلى لاغرفيلد عبر المجموعة بأسلوب مبطّن وغير مباشر.
تم اختيار إقامة العرض إلى جانب المبنى التاريخي الروماني Roman Colosseum مع أجواء تخطف الأنفاس، هذه المدينة التي لطالما عشقها لاغرفيلد ولطالما زارها لأكثر من 800 مرّة حين تولّى عمله في دار فيندي الإيطالية منذ 54 عاماً إلى يوم وفاته.
54 إطلالة لكل عام من أعوام لاغرفيلد في فيندي:
قدّمت سيلفيا فينتوريني فيندي Silvia Venturini Fendi 54 إطلالة عكست الأعوام التي قضاها لاغرفيلد في دار فيندي إلى يوم وفاته، كل إطلالة جسّدت حالة وتطور واضح في مسيرته الفنيّة حيث عادت إلى الأرشيف واختارت منه بشكل عشوائي إطلالات من تلك السنوات ولكن مع التركيز على تلك التي تعكس النور، حيث استقت الإلهام من الهدية الأخيرة التي قدّمها لها الراحل وهي عبارة عن كتاب Viennese Secessionists’ magazine Ver Sacrum حيث وجدت في هذا الكتاب الكثير من لاغرفيد، فقد رأت في كل فنّان من تلك الحركة الفنية شخصية تشبهه.
مجموعة فاخرة تعكس تفاصيل روما
قدّمت فيندي مجموعة فاخرة استوحي معظمها من الرسومات الهندسية التي تحيط بتفاصيل مدينة روما “مدينة الأبدية” من هندسة الفسيفساء إلى الأرضيات الرخام إلى الخطوط المعمارية الجميلة، وعلى الرغم من شهرة فيندي بالفراء، فإنها قدّمت ثلث المجموعة أزياء خالية من الفراء بينما بعض الفراء كانت معالجة بطريقة مستدامة حفاظاً على التنوع البيئي والمسؤولية الاجتماعية.
تفاصيل ولا أروع بنظرة فاحصة للمجموعة
تحت المجهر مرت الكثير والكثير من الجماليات المختبئة خلف إطلالات عارضات Fendi، من القماش الذي يعكس جمال الرخام الإيطالي، إلى التطريز الفاخر الذي يجسّد أشكالاً ورموزاً بدت حقيقية مثل السنابل الصفراء الناضجة أو سلاسل الكريستال التي تدلّت هنا وهناك على ظهر العارضات، تلك التفاصيل أذهلتنا وأعادتنا إلى الحرفية الماهرة في أتيلييهات الدار الإيطالية وفن الهوت كوتور الراقي.
ليس هذا فحسب بل أحببنا القماش المقطّع بأشكال هندسية مثل قماش المخمل والجوخ الفاخر إضافة إلى الفراء التي تجسّدت بأشكال مختلفة على الحقائب أو الأوشحة أو السترات الطويلة والمعاطف السميكة.
أحببنا الدرجات اللونية البنية والدافئة التي تدرّجت من البنّي إلى الخمري والبيج ثم الأسود والرمادي. مع الكثير من التجانسات اللونية بين شعر العارضات القصير والغرّة الكثيفة ولون ما ارتدينه من أزياء وفراء، مثل لون الشعر الرمادي مع الإطلالة الرمادية أو الأشقر أو البلاتيني مع الإطلالات البيج، دون مراعاة لون بشرة العارضة. ويبدو أن هذه الصيحة الجمالية أي التجانس اللوني بين لون الشعر ولون الإطلالة ستأخذ حيّزاً كبيراً في المواسم المقبلة حتى لو كان شعراً مستعاراً.
ربا نسلي
