حديث من القلب مع المصمم العالمي إيلي صعب

Ruba Nesly   |   05 - 03 - 2020

يترجم جمال المرأة إلى فستان ساحر يعكس أنغاماً ألفها الموسيقيون وكلمات كتبها الشعراء، في فساتين رائعة الجمال لا يمكننا أن نتخيّلها سوى من يدين مبدعتين وهما أنامل المصمم اللبناني العالمي، إيلي صعب. في عددنا لهذا الشهر يسرّنا أن يكون المصمم إيلي صعب على غلاف مجلّتنا وأن تكون هذه المقابلة هي الرئيسية في المجلّة. من غيره ملك الكوتور والرجل الذي يبجّل ويحترم المرأة العربية، فشخصيته تختزل رسالتين نودّ سردهما في هذا العدد، وهو الكوتور والمرأة العربية.

كان لقائنا مفعماً بالحب والأمل والنجاح الباهر في مدينة دبي، مدينة النور التي أنارت زجاجة عطر إيلي صعب الجديد ELIE SAAB Le Parfum Essentiel ، فإيلي صعب يعتبر النجاح مسؤولية والبقاء على ذات المستوى من النجاح تحدِّ بحد ذاته. واختار مدينة دبي بفضل مزيجها المعاصر ونورها المتّقد. نجول مع المصمم في رحلة إلى عالم الكوتور، النجاحات والتحدّيات وذكريات الطفولة والمرأة العربية التي دعمت المصمم منذ بداياته وهو الذي سلّط عليها النور لتلف أنظار العالم الغربي إليها ويتقدّم نحوها لأنها سيّدة إيلي صعب المدللة.

لن نطيل مقدّمتنا فإليكم تفاصيل مقابلتي مع المصمم المبدع إيلي صعب:

نحن اليوم في دبي، لإطلاق العطر الجديد.. لماذا اخترت دبي وأخبرنا أكثر عن العطر؟

التقطنا الصورة الأساسية في مراكش، كنا نريد أن نلتقط الضوء حول العطر، حين تشمّين العطر للوهلة الأولى ستعشرين بأنه محاطاً بالنور، اخترنا دبي، لأنها المنطقة العربية الوحيدة الذي تتميز بكمية كبيرة من النور الذي نريده، ورأينا أننا محاطون بمزيج معاصر من المفردات هنا، وأننا بعيدون عن الصحراء حوالي 5 دقائق فقط، بحيث نرى النور من مكان آخر أيضاً. حاولنا تصميم رحلة للصحفيين مغزاها أن يشهدوا نور شروق الشمس عند الفجر في الصحراء وغروبها، ولمشاهدة الفرق ما بين المدينة المعاصرة والصحراء.

دائماً ما ترتبط العطور بالمشاعر وذكريات الطفولة، ما هو أول عطر حفر في ذاكرتك، وكيف تعكس تلك الذكريات على تركيبات العطور التي تبتكرها؟

منذ أن بدأنا مشروع تركيب العطورات في دارنا، كانت البداية حول عطر كان ملتصقاً تماماً في ذاكرتي، هي حين كنا أطفالاً وكان منزلاً في الدامور، وكان محاطاً ببساتين الليمون وكان على شرفة منزلنا الرحبة، شجيرة ياسمين، حينها كانت تدمج تلك الرائحتين سويّاً ويعبق المنزل برائحة الربيع، هذه الرائحة تماماً لا تزال ملتصقة في عقلي، لا أنساها على الإطلاق، وللآن حين نبتكر أي عطر جديد، هناك نفحتين رئيسيتين نحن مجبرون على وضعها وهما الياسمين وزهر الليمون.

كإيلي صعب، ليس لديك امرأة واحدة في مخيلتك، فأنت تفكّر بجميع نساء العالم. هذا العطر ولأنه خاص قليلاً، لمن تهديه؟

أهديها لكل سيدة تحب إيلي صعب، وما يقوم به، وأعلم، إن ليست كل السيدات قادرات على شراء أزياء دار إيلي صعب، لذلك نريد منهن أن تشتري هذا العطر الذي يعتبر واحد من لمسات إيلي صعب.. لاحظي النجاح الذي حقّقته عطورنا في المبيعات، واليوم حين نبتكر أي عطر جديد فإنه يحقق نجاحاً أكثر فأكثر.

لقد انتهينا توّاً من أسبوع الأزياء الراقية الهوت كوتور، أخبرنا عن المجموعة التي قدّمتها مؤخّراً ما هي القصة من ورائها؟

كانت مستوحاة من الإمبراطورية المكسيكية التي كانت في نهاية القرن الثامن عشر، وكانوا يتميّزون بفساتين مزيّنة بالقلوب، والأكمام الكبيرة، وهذه المرة كانت الأولى التي استخدمت فيها الأكمام الكبيرة لهذه الدرجة، بشكل صريح، عدا عن الألوان التي استخدمناها، فنحن لم نرغب باستخدام اللون الأسود، وذهبنا إلى درجات لونية هادئة، ولكن مع تفاصيل مكسيكية. خاصة فيما يتعلق بالحرفية اليدوية حين استخدمنا الخيط، وما يحيط به من الباييت واللمعان.

اليوم حين نتحدّث عن عالم الهوت كوتور، ما هي التحديات والصعوبات التي تواجهها كمصمم أزياء راقية، فالمفاهيم بدأت تتغير، والمنافسات تبدو أكبر؟

لأكن صريحاً، لا أواجه أي صعوبات فيما يتعلّق بالهوت كوتور، فالهوت كوتور سيبقى لطالما النساء باقيات. هناك طلب على هذا النوع من الفساتين خاصة في المناسبات المهمّة لكل سيّدة، طالما هناك طلب على الأزياء الراقية ستستمر هذه الحرفة. قضية المنافسة لطالما كانت موجودة منذ القدم.

 أيضاً الطريقة الحرفية لصناعة الهوت كوتور في مشغل إيلي صعب، لا تزال تحافظ على عاداتها وتقاليدها على الرغم من أن بعض دور الأزياء الأخرى تجاوزت الحرفية والعمل اليدوي في صناعة الكوتور.

حتى أن الأصداء التي جاءت بعد مشاهدة المجموعة كانت تشير إلى أن إيلي صعب استطاع إعادة مفهوم الكوتور والأزياء الراقية إلى باريس من جديد، لأن باقي الدور قدّمت قطعاً من الأزياء التي تشعرين وكأنها أزياء جاهزة.

نعود إلى الحلم! ما هي الأشياء التي لم تحققها بعد على الرغم من الإنجازات التي قمت بها في مسيرتك المهنية الحافلة؟

هنالك قائمة طويلة، هناك الكثير من الأمور التي نريد القيام بها هذا العام، مثل الشراكة مع سيمونيتا فيما يتعلق بأزياء الأطفال، هناك مجموعة من المفروشات التي نريد أن نطلقها في صالون ديل موبيلي في ميلانو في أواخر حزيران. لدينا فنادق جديدة سنعلن عنهم قريباً، هذا العام سيكون حافلاً بالإطلاقات الجديدة.

أخبرنا عن إيلي صعب، والإلهام، حين يبتكر الشعراء والفنانون إنجازات كبيرة، أحياناً ما يكونون في حالة حزن أو في حالة نفسية معينة ليبدعوا، ما هي اللحظات التي تعتبر أنك في حالة من الوحي؟

حالة التفكير بجمال المرأة! انسي المواضيع والقصص التي نرويها حين نطلق مجموعة جديدة في كل موسم، تلك القصص نستوحيها لتغيير ألوان وشكل وقصّات القطع وطريقة لطبعها في الذاكرة، ولكن الهاجس الأساسي بالنسبة لي أن جمال المرأة هو الأساسي لأي مجموعة أبدأها، وليست امرأة واحدة بل العديد من الشخصيات التي ترتسم في أذهاننا لابتكار مجموعة ما.

تلك الحالات النفسية التي يعيشها بعض الفنانين الموهوبين كانت من الماضي، شخص إيلي صعب توازن ما بين الإبداع وإدارة الأعمال، لدي أكثر من 25 شخص يعملون في المشغل يعملون من بعدي، فإن كنت في حالة نفسية ما، لن نعرف كيف نعمل، الخطأ ممنوع، كل شيء يجب أن أوافق عليه شخصياً في نهاية اليوم، المصمم لا يشبه كثيراً الشاعر أو الموسيقي أو الفنان، فهم يعملون لوحدهم ويبتكرون لوحدهم، أما المصمم وبحجمنا، لدينا جيوش تعمل معنا وطريقة عمل أخرى.

ما هي الأمور التي تقول لها كلمة لا؟

بصراحة، قبلاً لم أكن أقول لا، أما حالياً فأنا أقول الكثير من كلمة لا، هناك حالات كثيرة، أولاً أقول لا لأبقى محافظاُ على المكان الذي أصبحت فيه، حالة المحافظة على النجاح هو أكثر أمر لا أساوم به، وأقول عليه كلمة لا، هناك أيام، يأتيك أشخاصاً بأفكار جديدة لا تمتنا بصلة، فأنا إن كنت غير مضطر لتلك الأفكار، أقول لا. هناك الكثير من الصعوبة لقول كلمة لا، ولكن مع الخبرة تأتي الكلمة عفوية مع كل مشروع فاشل أو فكرة فستان فاشلة، وحين أكون مسؤولاً عن النتيجة وأعرف أنها ستكون نتيجة فاشلة فإنني أرفض فكرتها من البداية. وسيعرف الناس أنني كنت على حق.

ماهي دروس الحياة التي ترغب بمشاركتها معنا؟

الدنيا تعلّمنا دروساً كل يوم! والإنسان يموت وهو يتعلّم، وإن قال أي شخص عكس ذلك فإنه إنسان غير طموح. ولا يوجد أي شخص أكبر من الحياة، وعليه أن يكون متهيّئاً للتعلم، هناك أشخاص يعتبرون أنفسهم أنهم اجتازوا تلك الدروس، واعتبرها نقطة النهاية بالنسبة لهم.

كيف تشجّع نفسك على العمل يومياً حتى في الأيام الصعبة التي تشعر فيها برغبتك في التوقف؟ كيف تحفّز نفسك للبقاء مثابراً؟

تصلين إلى مرحلة تشعرين بوجوب المواظبة على النجاح، هذا الأمر يبقيك تحت ضغط كبير وتحدي يومي، فكل ساعة ترغب بتحقيق ذاتك، يقود هذا الأمر أحياناً إلى الإدمان.

أفكّر كثيراً بغيري أكثر مما أفكّر بنفسي، أشعر بأن هناك الكثير من المسؤوليات تجاه الفريق الذين يعمل في المشغل.. لا يوجد هناك إنسان لا يخطئ ومع كل الحذر الذي نقوم به، لا نزال نخطئ ولكن يجب علينا أن نحاول أن تكون الأخطاء صغيرة وليست كبيرة وإلا ذلك سيؤثر ذلك على آلاف الموظّفين الذين يعملون لدى دار إيلي صعب.

كيف تعزل نفسك عن ضغوط الحياة، ما هو الوقت الأفضل لك؟

أي يوم في أيام عطلة نهاية الأسبوع، إن لم اجتمع مع العائلة جميعها أشعر بأنه يوم طويل للغاية، أشعر بأنني خلقت منذ تكويني وبداية حياتي للعمل، أشعر بأن تلك الأيام التي انعزل بها تكون صدفاً للغاية، قد تكون ساعتين في النهار أتأخر بها في النوم، أو أحظى بوجبة فطور أو غداء ثم أعود للنوم. ولكن بغالب الأوقات أنا شخص أحب العمل.

أخبرنا عن المشروع الكبير الذي تعاونت به مع إعمار؟

لا زال المشروع ضمن الإنشاء، لقد زار فريقي المشروع، ووجدوا أن الأبنية بدأت تنشأ وتبدوا جميلة، على الأغلب في السنة القادمة سيفتتح المشروع، وقد بيع أكثر من 70% منه، وأنا سعيد للغاية وكان المشروع شراكة جميلة جداً.

أعرف أنك تقوم بتحضير مجموعة الأزياء الجاهزة في باريس، ما الذي يمكن أن تنتظره السيدات في هذه المجموعة؟

الحقيقة إننا كنا نقدّم ذات المرأة على ممشى الأزياء الجاهزة لمدة 8 مواسم، لذا قررنا أن نقدم هذا الموسم سيدة جديدة، وهي امرأة تعمل، مرحة، وحرة تخرج من منزلها يومياً، حين تشاهدين المجموعة ستعرفين تماماً ما الذي أقصده.

 

أعرف أن بيروت بالنسبة لك ولي لديها معزّة خاصة بالنسبة لمشاعرك ووجدناك، حبيبتنا بيروت! هل لديك أمل؟

بالطبع لدي أمل!

هل هناك رسالة تريد أن ترسلها إلى النساء العربيات في المنطقة؟

المرأة العربية لديها فضل كبير على إيلي صعب، لأنها المرأة الأولى التي آمنت به وعملت معه واستثمرت معه، أقول إن نسائنا العربيات من النساء اللواتي ليس لديهن مثيل، نقطة ضعفي هي المرأة العربية، واكبتها من النهضة إلى يومنا الحالي. وما قدّمه إيلي صعب للمرأة العربية جعلت باقي دور الأزياء تنظر إلى المرأة العربية بأسلوب مختلف تماماً، وباتت تعرف قيمتها وتعمل على الدخول إلى منطقتنا العربية من بعد الطريقة التي قدّم بها إيلي صعب المرأة العربية.

المقالات الأكثر مشاهدة