هل دائماً الرجل هو المتّهم الأول بالعنف ضد المرأة ؟

Ruba Nesly   |   03 - 03 - 2019

المرأة نصف المجتمع، وهي المدرسة التي تربّي وتحتضن الأجيال في المجتمعات المختلفة. لذا يعكس مستوى تعليم المرأة ثقافة الشعوب. بتطوّرها وثقافتها يرتفع ويتطوّر المجتمع، وبجهلها يدنو ويسوده الجهل.

تترافق مواضيع مناصرة المرأة ضد العنف والإضطهاد مع اتّهام الرجل دائماً بأنه المذنب وأنه هو المتّهم الرئيسي بجريمة العنف الجسدي والنفسي ضد المرأة. لا شك أن هذا الأمر صحيح في بعض الحالات التي نرصدها في مجتمعنا، وحسب مشاهدات شخصية، فحالات التعنيف الجسدي الذي نشاهده على التلفاز دائماً ما يكون الرجل هو المذنب بسبب قوّته على المرأة. ولكن التعنيف النفسي هو أمر خفيّ لا نراه بوضوح لأنه لا يترافق مع ضرر جسماني وفيزيائي، إنما ضرر روحاني وذاتي، يبقى أحياناً طيّ الكتمان من قبل الضحيّة، ولكن هل دائماً أصابع الإتهام تتوجّه إلى الرجل، بل لثقافة الأم أثر في ذلك؟

تتراكم نتائج العنف النفسي على النساء بفضل تراكم الزمن، ويكون بأشكال متعددة، إما التنمّر، أو الإستخفاف بشخصها وطريقة تفكيرها وثقافتها وخياراتها وأفراد عائلتها، أو أمرها والتحكّم بها أوتجريدها من قراراتها شيئاً فشيء. لعلّها لن تشعر في البداية بهذا الأمر، خاصّة وإن كانت منغمسة في تنفيذ مسؤوليات عديدة في وقت واحد. ولكن بدافع المحافظة على الزواج والقفص الذهبي وتماسك العائلة والإحترام ومبدأ التربية ستحتفظ بصمتها كل مرّة، خاصّة في المجتمعات العربية التي تلوم المرأة على انفصالها و تفكيك عائلتها قبل لوم الرجل.

في أحيانٍ كثيرة قد لا يكون الرجل هو فقط من يؤذي بلفظه للمرأة، قد تكون المرأة ذاتها واحدة ممن تقوم بالتعنيف ضد المرأة الأخرى. إن كان في المدرسة أو منزل الزوجية أو أماكن العمل.

قد تكون والدة الرجل ذاتها تنظر إلى زوجته بنظرة المرأة التي يجب عليها القيام بالخدمات المتواصلة دون تذمّر، حتى وإن كانت أعلى شأناً في الثقافة والتعليم، وقد تزرع هذه الفكرة في أذهان ابنائها الذكور منذ البدايات وقبل الزواج حتّى. وللأسف معظم تلك الوالدات كنّ قد اختبرن ذات التعنيف النفسي مع أزواجهن وأقاربهن وسيكرّرنه مرّات أخرى مع غيرهن إن لم يردن تغيير الحال.

التفرقة بين الأخوة والأخوات الذكور والإناث في العائلة الواحدة وعدم المعاملة بالمثل أو المساواة قد يزرع هذه النزعة أيضاً. يتربّى الذكور على أنهم قوّامون على الإناث بكل شيء، حتى ولو كانوا أقل ثقافة ومهنيّة، وبهذا تبقى الإناث متواضعات القَدْرِ والتفكير والطموح. ولعلّهن سيتّخذن ذات المنهج تجاه أبنائهن. قد يكون السبب التعنيف والقيود التي يفرضها الأب أو الأم أيضاً على حد سواء.

في ذات الوقت لمعت الكثيرات من السيدات العربيات في مجال العمل والدراسة ونجحن بمهارتهن وقوّة شخصيّتهن، والعديدات منهن يعزون الفضل لآبائهن أو أزواجهن الذين لم يفكّروا بأنانية مطلقة وقدّموا الدعم المطلق لهنّ.

إذن الإضطهاد ضد المرأة لا يكون سببه ظلم الرّجل أحياناً، بل يمكن أن تكون إمرأة أيضاً عاشت الظلم ذاته وستكرّره على من حولها، لأنها لم تختبر خياراً آخر! وبكل الأحوال فالتاريخ يعيد نفسه، ويجب على كل السيدات أن توقف أنواع الظلم على نفسها بالتعليم وطلب الدعم والمشورة ممن حولها. طلب المساعدة قد يكون الحل للكثير من المشكلات النفسية التي تدخل إلى العقل كالسوس وتتعب الجسد أيضاً.

المقالات الأكثر مشاهدة