نعود دائماً الى الماضي عندما نتحدث عن الموضة، فكل شيء هنا قد بدأ منذ زمن بعيد وتاريخ الأزياء التي كانت تعتمد في القصور دليل على ذلك. فهل تخيلت يوماً كيف كانت السيدات يقمن برحلاتهن البحرية بتلك الفساتين الواسعة الكبيرة والثقيلة؟ لربما كان الأمر صعباً بعض الشيء. وإن لم نستطع أن نتخيل هذه الصورة أصلاً، فماذا نقول إذا اجتمعت تلك السيدات على متن طائرة مثلاً؟! أول رحلة نقل جوي للركاب في العالم بدأت في الولايات المتحدة عام 1914، فكيف كان شكل الموضة في ذلك الوقت؟ في ذلك الوقت، كانت قد أصبحت الفساتين أصغر حجماً وأكثر بساطة، مع العلم أن السيدة كانت ترتدي عدداً من التصاميم المختلفة لتتناسب مع نشاطاتها، من الفترة الصباحية الى فقرة الشاي بعد الظهر وغيرها… وتجدر الاشارة طبعاً الى أن السيدات الثريات كن يتوجهن الى فرنسا ليخترن مجموعة أزيائهن من أهم دور أزياء تلك الفترة مثل. Paul Poiret.

1940
مع الوقت اصبحت المرأة تبحث عن الأزياء البسيطة. وأدخلت Gabrielle Chanel مفهوم الأزياء المريحة التي تتيح لها التحرك بخفة عندما حررتها من الكورسيه. وكما يعلم من يعمل في مجال الموضة أو يطلع على تاريخها، فشانيل كانت تحب الرحلات البحرية كثيراً. ولاحظت آنذاك أن أصدقاءها يسافرون في موسم الأعياد وهم بحاجة الى أزياء جديدة لتلبي احتياجاتهم. وبما أنها سيدة سباقة وكانت تترجم كل ما يدور حولها الى شيء ملموس، فهي أول من قدم مجموعة الرحلات في العشرينيات. ومع الوقت أصبحت هذه المجموعات أساسية ودخلت مفكرة عروض الأزياء والمواسم التي تتبعها دور الأزياء، مثل Louis Vuitton و Gucci و Dior وغيرها. وعندما بدأت هذه العلامات التجارية تقدم مجموعات الرحلات كانت صغيرة ومن ثم توسعت لتصبح مجموعة كاملة متكاملة.
تقدم معظم هذه الدور مجموعاتها خلال شهر مايو لتكون جاهزة قبل موسم الأعياد، ولتشكل جسراً للانتقال من مجموعات الشتاء الى الصيف. وهي تبقى متاحة في البوتيكات لفترة تعتبر طويلة، وتمتد من نوفمبر الى مارس.

Chanel Cruise 2017 في كوبا
تعود هذه المجموعة بأرباح عالية جداً على دور الأزياء، ومن هنا نستطيع أن نفهم لماذا يعطونها أهمية كبيرة، ويقدمون عروضاً ملفتة في مختلف أنحاء العالم. على سبيل المثال، ستعرض شانيل مجموعة الكروز المقبلة في Grand Palais باريس، إذ يبدو أن كارل لاغرفيلد يريد أن يبقى وفياً دائماً لهذا المكان، وبرادا في نيويورك ولويس فويتون في الريفيرا الفرنسية وغوتشي في آرل في فرنسا أيضاً.
من الواضح أن هناك اجماعا على العودة إلى فرنسا بعد أن كانت هذه الدور قد قامت في المواسم السابقة بجولة حول العالم من البرازيل الى كوبا وغيرها. تضم هذه المجموعات أزياء وأكسسوارات مستوحاة من بلد معين أو مكان ما، ويحرص مصمموها على أن تتناسب مع المناخات المتعددة، فالحرارة مثلا تختلف من وجهة الى أخرى.

Dior Cruise 2018 في جبال Santa Monica
تتسم أزياء الرحلات بسهولة توضيبها لتتناسب مع اسلوب حياتنا السريع، وغالباً ما تكون مصنوعة من الأقمشة الخفيفة، فالعلامات التجارية اليوم تفكر أيضاً بالعميل الذي يبحث عن الراحة والعملانية. كل شيء في عالم الموضة له أهدافه.
لكل فصل من هذه القصة جذور تاريخية ما علينا سوى البحث عنها لنفهم ما يقدم لنا في الحاضر. اذن تستحق مجموعات الرحلات هذه متابعتنا والاطلاع عليها، فأينما كانت وجهتنا السياحية هي جاهزة لتلبي متطلباتنا كما أنها جسر العبور من موسم الى آخر.
اعداد شارلين الديك يونس