أرادت الشيخة لطيفة آل مكتوم أن تكون في صلب بطولة رياضة قفز الحواجز في دولة الإمارات العربية المتحدة. في هذه المقابلة، تخبرنا عن شغفها بهذه الرياضة وحلمها الكبير بالفوز في الألعاب الأولمبية.
تعتبر رياضة الفروسية وركوب الخيل واحدة من أهم الثقافات في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد أظهر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس وزرائها وحاكم إمارة دبي رعاه الله تفانيا حقيقيا واهتماما خاصا بهذه الرياضة، ويعتبر فريق جودولفين أحد أفضل الفرق العالمية. حبّه للرياضة يلهم الآخرين ويعتبر الحجر الأساس لرياضة ركوب الخيل في البلاد. تطوّرت هذه الرياضة كثيرًا في ظلّ عشرات المسابقات الدولية التي تقام سنويا في دولة الإمارات.
ساعد اتحاد رياضة الفروسية في الإمارات العربية المتحدة في تطوير هذه الرياضة في المنطقة. يعمل الاتحاد مع الفرق المحلية والفرسان بهدف تطوير هذه الرياضة لترتقي إلى مستويات عالية تضاهي العروض التي نجدها في الدول الأوروبية والعالمية. لا يوجد أحد في الإمارات العربية يحب ركوب الخيل كما الشيخة لطيفة آل مكتوم. الإماراتية ذات الـ 34 ربيعًا هي واحدة من أفراد المنتخب الإماراتي الذي يمارس رياضة قفز الحواجز. الشيخة لطيفة إحدى أفراد آل مكتوم، خالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله، كان مصدر إلهام كبير في اختيار عملها هذا.
على الرغم من عمرها الصغير، برعت الشيخة لطيفة في رياضة قفز الحواجز وأصبحت واحدة من أبرز المتسابقات في الإمارات العربية المتحدة. مثّلت بلدها في أولمبياد بكين عام 2008، وفي الألعاب العالمية للفروسية في ليكسينغتون عام 2010. آخر إنجازاتها كانت مشاركتها كجزء من فريق الإمارات العربية المتحدة الذي يتألف من عبد الله حميد المهيري وعبد الله المري ونادية تريم حيث شارك الفرسان الأربعة في بطولة لونجين الدولية لقفز الحواجز FEI Jumping Nations وأحرزوا المركز الثالث بعد ألمانيا وإيرلندا وكانوا إحدى دولتي الشرق الأوسط اللتين تأهلتا لنهائي بطولة لونجين الدولية لقفز الحواجز في أكتوبر المقبل في برشلونة، حيث ستواجه دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل لاعبي قفز الحواجز في العالم.
إلا أن أهداف الشيخة لطيفة آل مكتوم أكبر من ذلك بكثير، فهي تطمح للمشاركة في الألعاب الأولمبية التي ستقام في طوكيو عام 2020. سيتم اختيار المؤهلين في المغرب في أكتوبر المقبل، وتعتبر الشيخة لطيفة نجاحها بمثابة الخطوة الأولى في رحلتها إلى الميدالية الأولمبية. لقد حالفنا الحظ بمقابلة الشيخة لطيفة آل مكتوم، خاصة وأن جدول أعمالها التدريبي مكتظ جدًا. الشيخة لطيفة على الرغم من نجاحاتها، متواضعة جدًا وكانت سعيدة بمشاركتنا حياتها وخيولها، وقد أمضت فترة ما قبل الظهر تتنقل بنا حول اسطبلاتها في دبي.
تمتطي الشيخة لطيفة ما يقارب ستة خيول يومياً الأمر الذي يجعل وقتها ممتلئًا، وبالكاد تملك وقتًا للقيام بأي عمل آخر. الخيول بالنسبة لها، أكثر من مجرد مقتنيات، ويمكن لأي شخص أن يرى العلاقة الوثيقة التي تربطها بهذه الحيوانات، التي تقوم بتربيتها ورعايتها منذ يومها الأول.
الشيخة لطيفة من محبي الحيوانات، لديها ثمانية خيول وكلبان، وقد شعرنا بهذا الشغف والالتزام عندما التقينا بها. شاركتنا حبها للرياضة وأخبرتنا عن أحلامها المستقبلية.
ما هو شعورك وأنت تمثلين وطنك في رياضة قفز الحواجز؟
أن تمثل وطنك هو أكبر إنجاز يحلم به أي متسابق. لا يوجد شعور يضاهي الشعور بالفوز وسماع النشيد الوطني وعلم بلادك يرفع عاليًا.
لماذا اخترتِ أن تصبحي خيّالة؟
كانت رياضة ركوب الخيل، ولا تزال، جزءًا من تاريخ عائلتنا. الجميع يمارس هذه الرياضة، وترعرعت بالقرب من الخيول. أحببت فكرة قفز الحواجز الاستعراضي خاصة أنك تمضي وقتًا قصيرًا على حلبة العرض، ولكن في المقابل تقضي الكثير من الوقت في التمرين حيث لا يراك أحد، الجميع يرى دقيقة واحدة على الحلبة. الجزء الممتع بالنسبة لي هو جهد التمرين اليومي. عليك أن تؤمن بالخيل الذي تمتطيه، وتؤمن بنفسك وأن الدقيقة الواحدة التي ستقضيها على الحلبة توازي كل العمل والتمرينات، وفي هذا كثير من المرح والسعادة.
هل شعرتِ يوما بالخوف من امتطاء الخيل عندما كنت صغيرة؟
لا أبدًا. عندما تكون يافعاً لا تشعر بالخوف كثيرا. أعتقد أنه عندما نتعلم شيئًا جديدًا ونحن في عمر متقدمٍ، نشعر بالخوف لأننا نفكر فعليًا بالأشياء التي نقوم بها. عندما تكون شابًا، تقدم على الأعمال من دون أن تفكر بها. لا، لم أشعر يوما بالخوف.
كيف دعمتك عائلتك للمضي في هذه الرياضة؟
لقد كانوا من أكثر الداعمين لي. أنا مقربة جداً من ابنة خالي الشيخة ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم، التي برعت بالكثير من الرياضات، منها الكاراتيه، وشاركت في الألعاب الأولمبية، وهي اليوم تتقن لعبة البولو. هي مصدر الهام بالنسبة لي، خاصة لما تقدمه للرياضة في الامارات العربية المتحدة. أنظر اليها والى خالي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، واراقب كافة الأشياء التي يقوم بها سواء من حيث تحمل التدريبات الصعبة أو الدخول الى عالم السباقات. لذا إذا تمكنت من القيام بنصف ذلك في عالم القفز الاستعراضي، سأكون سعيدة جداً.
ما هي النصيحة التي ترغبين بنشرها كامرأة عربية؟
لا تقيّدي نفسك. يوجد اليوم عدد كبير من النساء الناجحات في مجال الأعمال التجارية يمارسن الرياضة، وهذا أمر نفتخر به.
ما هي الأهمية التي تحظى بها رياضة ركوب الخيل في المنطقة؟
تحظى رياضة ركوب الخيل بأهمية واسعة في المنطقة. الأمر برمته يتعلق بالخيول، سواء كانت خيول لممارسة الرياضة أو لسباق البولو، أو لقفز الحواجز. الخيول في قلب حضارتنا وثقافتنا، هي ببساطة جزء منا.
أنت جزء من فريق، ما هي أهمية العمل ضمن فريق، وكيف تقارن بالمنافسة على الصعيد الشخصي؟
إن ممارسة رياضة الخيل ضمن فريق يجعلك تدافع عن نفسك بقوة وعزم أكبر مما لو كنت منفردًا. في بطولة كأس الأمم، عندما أسقطت الحاجز الأول، شعرت بالإحباط وكنت أرغب في الاستسلام، لكن كان عليّ الاستمرار من أجل الفريق، كان عليّ امتطاء الخيل بشكل أفضل. في الكثير من المرات، تضع على نفسك ضغطًا إضافيًا لأنك لا تريد أن تخذل فريقك.
تستعدين في الوقت الراهن للمشاركة في بطولة أولمبياد 2020، أخبرينا عن هذه البطولة؟
لقاء المؤهلين سيتمّ في شهر أكتوبر المقبل، أعتقد أن لدينا فريقا رائعا ونستطيع أن نثبت أنفسنا بشكل جيد، صحيح أننا نحتاج إلى صقل بعض الأمور. الأهم أننا نمتلك روح الفريق، والفرسان الآخرون كانوا من ضمن الفريق المشارك في بطولة كأس الأمم وكنا نشعر بالراحة سويًا. كنت أعلم أنهم يحمونني، وبالمقابل يحظون بحمايتي.
شاركت في بطولة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008. كنت صغيرة ولم أكن أعرف ما الذي أقوم به حينذاك، كان شيئًا جديدًا تمامًا بالنسبة لي وأردت أن أقوم به على أكمل وجه. اليوم، أعتقد أنني أمتلك الخبرة ويمكنني المشاركة بشكل أفضل، حقًا أرغب في الحصول على هذه الفرصة مرة أخرى.
ما هو شعورك عندما تشاركين في مسابقة كبرى؟
يجب أن يبقى عقلك صافيًا. لا يمكنك أن تكون مشتتًا، يجب أن تكون شديد التركيز، أن ترسم خطة واضحة، وألا تقلق بشأن أي شيء قد يحدث من حولك. ثق بنفسك، وثق بجوادك، وقرّر ما الذي تريد القيام به وما هو مناسب لك. لا تقلق ولا تفكر في كل شيء. لا تفكر في حلبة السباق، عليك التركيز على حاجز واحد في كل مرة، وستكون بخير.
تسافرين كثيرا بحكم عملك، ماذا أضاف السفر إلى شخصيتك؟
مجتمع رياضة الخيل صغير جدًا، وعلى الرغم من السفر الدائم، إلا أننا نرى دومًا الأشخاص نفسهم. في النهاية نستنتج أن رياضة ركوب الخيل لها نفس اللغة في أي بلد كان. جميع الخيّالة يتحدثون عن الشيء عينه. خلال عملية التحضير نتواصل بالطريقة نفسها. لذلك أعتقد لا يوجد فرق كبير وهو أمر جميل.
من هو الداعم الأكبر في حياتك المهنية؟
والدتي، شجعتني عندما كنت صغيرة، كانت تريدني أن أكون الأفضل. لكنني أعتقد أيضًا أن رياضة الفروسية وسباق الخيل في الإمارات العربية المتحدة كانت الداعم الأساسي خاصة في ظل حجم ومستوى العروض. يوجد في الإمارات العديد من العروض الدولية، ومتسابقون دوليون يقصدوننا من جميع أنحاء العالم، لسنا بحاجة إلى الذهاب إلى أوروبا من أجل المشاركة فيها. العروض هنا على مستوى عالٍ من الحرفية، هنالك ثلاثة عروض من فئة الخمس نجوم تقدّم سنويًا، وهذا أمر رائع بالنسبة لنا، لم نعد مضطرين للسفر بعيدًا، فنحن في وطننا وبين أهلنا وأقاربنا، وهذا ممتع. كل هذه العروض الجيدة والظروف المناسبة والخيول الممتازة لا يمكنك أن تجدها دائمًا في مكان واحد. في أوروبا، علينا السفر للوصول إلى مثل هذه العروض، ولكن في الإمارات، كل شيء في متناول اليد ومريح للغاية. أعتقد أن هذا دعم كبير بالنسبة لنا.
كيف توازنين بين عملك وحياتك العائلية؟
حسنًا، لست جيدة في هذه الأمور أبدًا! أقضي معظم وقتي في الإسطبلات أو في حلقات التدريب لأتمكن من ركوب الخيل بطريقة أفضل. أعمل بشكل متواصل. خيولي كبيرة وقوية جدًا لذا يجب أن أكون مناسبة لامتطائها.
ما هو أكبر إنجازاتك حتى اليوم؟
عام 2010 عندما فزنا كفريق بالميدالية الفضية، وفزت أنا، في الوقت نفسه، بميدالية فضية. كان فريقنا آنذاك يتألف من متسابقين جيدين وقد فاز رمزي الدهامي، مدربي، بالميدالية الذهبية وأنا فزت بالفضية، كنت فخورة بعملي. كنت أتنافس مع أفضل المتسابقين، وعندما تكون موجودا بين الأفضل، هذا إنجاز كبير بحد ذاته.
أعتقد أن أكبر إنجاز حقّقته هو الفوز ببطولة كأس الرئيس عام 2015. كانت المرة الأولى التي يفوز فيها أي شخص من دولة الإمارات العربية المتحدة ببطولة Grand Prix من فئة الخمس نجوم، وقد تمكّنت من تحقيق ذلك برفقة جوادي الذي حصلت عليه عندما كنت في الخامسة من عمري. قفزت في بطولة كأس الأمم ولكنها لم تقفز بشكل جيد، وكان عليّ التعويض في سباق الجائزة الكبرى. وهذا ما حصل، كنت فخورة جداً بها.
ما هي العلاقة التي تربطك بخيولك؟
أعتقد أنه أثناء عرض قفز الحواجز، يجب أن تكون العلاقة بينك وبين الخيل جيدة. يتعين عليه أن يفهمك وفي الوقت نفسه يجب أن تكون مرتاحاً لنوع الخيل الذي تمتطيه. من المهم جدًا أن يناسبك الحصان. أنا صغيرة وأحتاج إلى خيول قوية. أرجلي ليست قوية ولست قوية كفاية لأحملها، لذا يجب أن يكون الخيل مناسبًا لي.
ما الذي ترغبين في تحقيقه مستقبليًا؟
ميدالية أولمبية. ربما هذه الأمنية ليست واقعية ولا يمكن أن أحققها في الأولمبياد القادم، لكنني أعتقد أن هذا هو هدفي النهائي. الميدالية الأولمبية هي حلم كل رياضي كما لو كان طفلًا.
ما هو الشعار الذي تتبعينه في الحياة؟
لا تستسلم أبدا، إن العمل الشاق يؤتي ثماره.
لو لم تكوني خيّالة، ماذا كنت ستصبحين؟
ليس لدي أدنى فكرة! لم أفكر في الأمر مطلقًا. أنا شخص نشط للغاية، لذا أعتقد أنني كنت سأختار شيئًا له علاقة بالرياضة، لكن بدون خيول، لا أعرف! الخيول هي هويتي.
كيف تريدين أن يتذكرك العالم؟
بحبي وشغفي الكبير للخيول والرياضة. أعتقد عليك أن تعمل بجدّ من أجل الحصول على مبتغاك، وأن تحب ما تقوم به بغض النظر عن أي شيء آخر. جميعنا يمرّ بلحظات نجاح وإخفاق المهم أن نستمر. شغف الرياضة وحبها هو الشيء الوحيد الذي أود أن يتذكرني به الآخرون.
حاورتها: Lindsay Judge
تصوير: Alysia Knowles
