شهد بلان: أريد أن أكون الشخص الذي يحدث التغيير في هذا العالم

Ruba Nesly   |   16 - 01 - 2020

إنها الإعلامية الشابة شهد بلّان التي تلفتنا إليها ضحكتها وشخصيتها القوية، تسرد لنا عن تجربتها القاسية وكيف أصبحت تجربة جعلتها أقوى عما كانت به من قبل. وتحوّلت من مجرّد مذيعة إلى شخص مبادر يحمل الكثير من العطاء في جعبته. تعرّفوا معنا إلى مقابلتنا المتميّزة مع الإعلامية شهد بلّان.

  • أخبرينا عن بداياتك ودخولك في عالم الإعلام والصحافة؟

بداية في مرحلة دراستي وعندما التحقت بالجامعة لم أكن كأي فتاة أو شخص لم يقرر بعد ماهو التخصص والدراسة التي ينوي الإلتحاق بها على العكس تماماً ، كنت مدركة لما أريد أن أكون عليه! أن أكون شخصية متحدثة ، صوتها مسموع .. كنت أبحث عن مجال يصقل شخصيتي و ينمي مهاراتي ويحقق طموحاتي .. التحقت بالجامعة الأمريكية في دبي و اذكر أنه طوال مرحلة الدراسة الجامعية كنت دائمة العمل والإعتماد على نفسي خصوصاً بما يتعلق بمشاريع الدراسة التي تقدم في نهاية الفصول الدراسية .. جميعها كانت بهدف و ذات رسالة .

أما عن عملي كإعلامية فالحمد لله منذ البداية حظيت بفرص ذهبية استطعت من خلالها التعبير عن نفسي أكثر والتعريف بشخصيتي و تحديد هويتي كإعلامية.. كانت بداياتي تقدمة برنامج سياحي على شاشة تلفزيون دبي ، من ثم انتقلت لأحظى بفرصة العمل مع مجموعة ام بي سي والتي اعتبرتها الفرصة الذهبية الثانية، حيث عملت في نشرة الأخبار وهي بث مباشر، سعدت حقيقة بحصولي على هذه الفرصة و لكن بعد مضي 3 سنوات من العمل في هذا المجال ، أدركت أنني لم أدخل مجال الإعلام لأكون كذلك ، لاأريد أن أكون مجرد مذيعة تملي و تقرأ الأخبار للمشاهد سواء كانت أخبار جيدة أم سيئة . لطالما حلمت لأن أكون الشخص الذي يخبر المشاهد بأمور جديدة ، جميلة ، أريد أن أكون الشخص الذي ينظم حملات توعوية شبابية ، أن أكون الشخص الذي لديه رسالة و هدف من عمله يريد إيصاله لكل مستمع و متابع ..أن أكون الشخص الذي يحدث التغيير في هذا العالم .لهذا السبب عزمت لترك الأخبار و التوجه للعمل في برنامج حواري مفتوح يضم و يحوي كل ما أحلم و أتوق لفعله  و هو برنامج “همسة” الذي يتناول عدة موضوعات تخص المرأة والأسرة والصحة والغذاء والموضة واللايف ستايل. و الذي يهدف إلى تقديم معلومات مفيدة وجديدة بالإضافة إلى إثراء المحتوى الفكري والثقافي للمشاهد بأسلوب ممتع و بسيط . بالإضافة إلى المهمة التي توليتها مؤخراً و هي تقديمي لبرنامج “تحدي القراءة بالعربي ” بدورته الرابعة و الذي يعد برنامج تشويقي تنافسي ، و هو نتاج عمل و تعاون بين قناة ام بي سي1 و مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية و التي تصب أهدافها نحو إثراء المحتوى العربي والفكري والثقافي في عقول أطفالنا وشبابنا وأبنائنا و تعزيز الهوية العربية واللغة الأم .

  • أخبرينا عن تجربتك القاسية وكيف تحوّلت من حادث أليم إلى قصّة ترويها لتحفّز الجميع؟

الحياة مليئة بالتجارب وهي المعلم الأول لنا جميعا، فيها الحلو و فيها المر .. مررت بمواقف قاسية و تعلمت منها الكثير و لكن كما يقولون ” لما بتشوف مصيبة غيرك بتهون عليك مصيبتك” ، بالفعل كانت أصعب اللحظات والأيام التي مرّت علي ، لكن دائما أؤمن أن ما مررت به و حدث معي هو من عند الله وهو أعلم بمدى قدرة تحملي و قوتي لمواجهة الأمر.. لذلك أرى أن الحياة حلوة بمرها لانها هي من علمتني أن أكون أقوى .. عندما تعرضت للحادث كنت في ال 27 من عمري أي في زهرة شبابي و ما زلت في أول عمري مقبلة على الحياة و العمل ، كان أمرا صعباً لكن لم يكن النهاية بالنسبة لي، ولطالما قلت أن ما حدث معي كان خيراً لي و ربما الله أراد ذلك ليحميني من ما هو أصعب وأقسى . نحن جميعنا لا نعلم ما يخبئه لنا الغد والمستقبل و لكن الشيء الوحيد الذي أدركه وأعلمه جيداً أنني جاهزة لكل أمر يختاره الله لي .

 

  • ما هي العوامل التي تجعل أي شخص متعثّر أن يقف على قدميه مرة أخرى ويعود إلى خط حياته بقوّة؟

 

هناك دوافع وأهداف تدفع المرء لأن يتخطى و يعود ليقف مرة أخرى على قدميه .. تختلف  هذه الدوافع من شخص لآخر لكن بالنسبة لي والذي دفعني للنهوض وتجاوز الحادث و فترة العلاج هم أهلي و حبي لهم ..لا يوجد ما يصف حبي  لهم و مدى خوفهم عليّ . لاأستطيع ذكر ذلك دون أن أتأثر وأبكي فقط لمجرد أن أتخيل ماذا لو كنت قد غادرت الحياة؟ ماذا سيحدث لأهلي و كيف سيواجهون ذلك .. أهلي كانوا نقطة ضعفي و قوتي في نفس الوقت .. آلمني جداً عندما رأيت والدي أول رجل بحياتي منهار بمعنى الكلمة لما حدث معي وكيف كان وقع الخبر عليهم كلهم. ماما اخوتي كلهم كان وجودهم بجانبي بمثابة بصيص الضوء والقوة العظيمة والدعم الذي جعل مني انسانة قوية أتغلب على ما مررت به ، لم  يحدث ذلك لأنني قوية من تلقاء نفسي! على العكس تماما في هذه اللحظات يصبح المرء أضعف ما يمكن لكن من هم حوله، أهله، ناسه وأحبابه يجبروننا على أن نعود ونقف من جديد نحارب لنكون معهم.. في تلك الأثناء كنت أقول لنفسي لا أريد أن أموت أريد العودة لأحضان أهلي وأسرتي لم أكتف منهم وأريد أن أخلد المزيد من الذكريات الجميلة معهم ..

إن وجود أناس بحياتي يكترثون لأمري ويقدمون الدعم لي أمر بحد ذاته قوة ودافع لأن أعود للعمل، أقصد هنا زملاء عملي وأسرتي الثانية ام بي سي، أحب أن أنوّه لشيء وأن أوجه رسالة حب وود للسيدة سمر عقروق من ام بي سي فكانت على تواصل معي طوال فترة غيابي عن العمل وفترة علاجي وكانت تقول لي: ” شهد مكانك محفوظ ب ام بي سي وبهالبرنامج و ما حدا رح يحل أو يعبي الفراغ اللي تركتيه” … بالنسبة لي هذا الكلام هو معنوي أكثر من كونه حرفي.. شعرت وقتها بأنني لم أكن خائفة أو قلقة حيال عملي و منصبي، فكان طلب طاقم العمل و كل العاملين في ام بي سي أن أعود للعمل وأن مكاني محفوظ وأنهم بانتظاري مهما كانت مدة العلاج سنة أو سنتين المهم أن أعود .. كلماتهم و موقفهم جعلني أركز على شفائي والتعافي وأصرّ وبقوة على العودة للعمل .

 

 

  • حين يزدهر عمل الشخص يشجعه الجميع ويتلقى اتصالات جديدة ويخطو نحو أفق جديد، ولكن حين يتوقف الشخص عن العمل أو يواجه ظروفاً تعزله يمكن أن يسبب الهجر من قبل الكثيرين من الأشخاص، ماذا علّمتك الحياة من ناحية وفاء الناس وتشجيعهم لك؟

 

هذا صحيح و هذا ما حدث معي، أثناء مروري بأوقات صعبة إثر الحادث الذي تعرضت له استطعت أن أدرك من هم الأشخاص والأصدقاء الحقيقين من حولي ، وتمييزهم عن من لديهم مصالح شخصية معك تنتهي بمجرد سقوطك أو تعرضك لمحنة .. بالنسبة لي لم أكن أحتاج الدعم النفسي بقدر ما احتاجوه أهلي فقد تاثروا كثيرا بما حدث معي ، وأحمد لله أن لدي أصدقاء حقيقيين لم يتركوا أهلي في هذه المحنة وقدموا لهم الدعم وكانوا معهم في كل لحظة صعبة مرّت عليهم .. دائما هذه المواقف كفيلة لأن تعرفك من هو صديقك الصدوق أو الحقيقي و من صديق لمصلحة أو لهدف ما .

كلنا نعلم أنه في لحظات الفرح والسعادة يكون الجميع حولك، لكن عندما يعترض حياتك أمر سيء أو تمر في وقت عصيب تبدا هذه الوجوه تتلاشى وتقل و يبقى منها من يحبك بالفعل ويكترث لأمرك.. حقيقة أنا فخورة بأصدقائي وسعيدة لكوني أمتلك محبة هذه القلوب النقية البيضاء

 

  • ما رأيك بدور الإنستاغرام ووسائل التواصل الاجتماعية في سيادة الصور النمطية للجمال وأسلوب الحياة؟

 

الإنستجرام هو في الأساس موقع تواصل اجتماعي يعتمد على الصورة أكثر من غيره من المواقع الاجتماعية الأخرى ومن الطبيعي أن نرى مشاركات مرتاديه ونشرهم لصور بطريقة مختلفة وحلوة ومشاركة اللحظات الجميلة، اما عن الصورة النمطية والجمال، أعتقد اننا جميعنا وصلنا لمرحلة لأن نكون على دراية بان هذه الصورة ليس الحقيقية وإنما عدّلت لتكون بهدا الشكل الإحترافي الجميل.. بالنسبة لي لا أرى أن لإنستجرام كمنصة تواصل إجتماعي له العلاقة لنشر صور نمطية وجمالية، بل نحن من خلق ذلك ونحن من نحدد مدى واقعية وحقيقة ما يتم نشره، حتى أن اليوم أصبح معظم الأشخاص والناس يلتقطون الصور من أجل الإنستجرام ومن أجل مشاركتها مع المتابعين وليس لأن يحتفظوا بها وبما تحمله من ذكرى أو موقف جميل مرّوا به ..

حقيقة أنا أحب الإنستجرام و أرى هذه المنصة تماما كألبوم الصور .. مكان لأحتفظ من خلاله بأجمل اللحظات والمواقف والقصص التي مررت بها

 

 

  • كونك شخصيّة مؤثرة وإعلامية، كيف يمكننا السيطرة والحد من التشتيت الفكري للأجيال الجديدة والحاصل من توفر الكثير من الصور على وسائل التواصل والتي تعكس الكمال وأسلوب الحياة الفاخر والذي يكون غالباً غير حقيقي؟

أعتقد بأنها مسؤولية تقع على عاتق كل شخص منا .. بالنسبة لي كوني شخصية عامة وإعلامية ولدي حسابي الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي ، أحرص على ان يكون المحتوى الذي اقدمه لمتابعيني بالإضافة على الصور أن تكون أقرب للطبيعية  وعادية، و من يتابعني يلتمس ويرى ذلك بوضوح ، ربما أجري بعض التعديلات على الصور لكي تكون أكثر وضوحا من حيث اللون والحجم مثلاً لكن أحرص أن يظهر المحتوى الطبيعي والواقعي . هي بالفعل مسؤوليتنا لأن نشعر الجيل المقبل والشباب الذي يستخدم الإنستجرام حالياً  بمدى واقعيتنا وحقيقة ما نشاركه وأن الأمور كل ما كانت على طبيعتها كانت أفضل ، أن يتقبلوا أنفسهم حتى لو كان لديهم عيوب  و تحديات شكلية ممكن أن تكون محرجة لهم مثل لون بشرة أو بدانة أو غيرها من الأمور التي نحاول إخفاءها .

  • ما هي الأمور التي تبقيك على ذات مستوى التحفيز الإيجابي كل يوم؟

الأمل و الطموح .. هذه المشاعر تدفعني لأن أقبل التحدي و أنهض لأواجه كل شيء قد أمر به، لا أعتقد أن أحد يستطيع العيش بدون أمل !

  • ما هي رسالتك اليوم؟ وما الذي تريدين أن توصليه من خلال صوتك وصورتك؟

أعتقد أن رسالتي للجميع وخصوصاً الشباب العربي، الذي تضاءل لديهم مستوى الأمل والرضا والسعادة نتيجة للظروف الصعبة والقاسية التي تمر بها بلادهم والمنطقة العربية بشكل عام. أنتم قادرون على تحقيق الكثير بقوتكم .. لا اعني بها (القوة) الجسدية و إنما القوة والقدرة على تحقيق الطموح و ما نريد الوصول إليه. هناك الكثير من الأشخاص يعزون سبب ضعفهم وعدم قدرتهم على تحقيق ما يصبون إليه إلى الظروف التي قد تحول بينهم و بين أهدافهم قد تكون ظروف اجتماعية أو مادية أو نفسية أو شخصية و غيرها، لكن أنا أرى ذلك من زاوية أخرى و أرى أننا كلنا نستطيع و لدينا القدرة على تحقيق الكثير طالما أننا نملك الصحة والعافية والعقل السليم، نستطيع أن نسعى و نصل لما نريد أن نكون عليه من خلال التفكير والتخطيط السليم والسعي بطريقة عقلانية و مدروسة  من خلال العمل بجد .

  • ما هي وجهتك السياحية المفضلة لديك؟

أفضل وجهة سياحية بالنسبة لدي هي الجزر .. أي جزيرة كان موقعها ، جزيرة تخلو من الإنترنت ، يغلب عليه لون زرقة البحر ، مكان هادئ فيه السكون والراحة والنوم و الأكل اللذيذ

  • في عالم الإعلام والذي تسيطر عليه الصورة والمنافسة القويّة بين الإعلاميات، ما هي شخصية الإعلامية الناجحة؟

تختلف معايير النجاح من شخصية إعلامي لأخرى ، لا أعتقد أن هناك قواعد ثابتة لذلك ، ولكن هناك أسس ( أساسيات) يجب أن يتحلّى بها الإعلامي أولها الثقافة ، والقدرة على توصيل الرسالة بشكل واضح ، القدرة على الإستماع والإصغاء لمن حولنا حتى لو كان مخالفا لقناعته وطباعه ، بالإضافة قدرته ومهارته الكتابية والقراءة ، وكذلك تحليه بقوة الشخصية

 

  • ما هي مشاريعك المستقبلية؟

حقيقة لدي الكثير من الأمور التي أطمح لتحقيقها مستقبلاً وأولها أتطلع لأن  يكون لدي يوماً ما برنامج حواري خاص بي ، بعيد كل البعد عن الآلام والحروب والهزل الذي يشهده عالمنا العربي في الوقت الحالي . أريد أن يكون التركيز فيه كاملاً على مواضيع الشباب، أحاورهم وأستمع لقصصهم، ألتمس الأمل الذي بداخلهم و أشارك المشاهد تطلعاتهم، أحلامهم و مشاريعهم و امكانياتهم  التي يجب تسليط الضوء عليها وتعزيزها واعطائهم الفرصة ليشاركوا نجاحاتهم مع أكبر فئة من المشاهدين، ليكونوا نجوما و مثالا يحتذي به الجيل القادم .

  • بعيداً عن عالم الإعلام ما هي هواياتك والتي تعيد إليك التوازن في الحياة؟ ما بين العالم الإفتراضي والواقعي؟

              الموسيقى بالتأكيد فهي ملاذي الذي ألجأ إليه لأخرج من مزاج أو حالة معينة .

 

  • ما هي الأمور التي تقولين لها كلمة “لا” ؟

          الأمور التي أقول لها لا هي الأمور التي تتعارض مع مبادئي في الحياة وأخلاقي وتربيتي، لا لأي شيء يتخالف مع قوانين الإنسانية بشكل عام مثل العنف، الضرب، الظلم والتنمر كل هذه الأمور أقول لها لا، بالإضافة إلى الأمور التي لا تزيد من رصيدي المعرفي أو خبرتي ولا يعنيني في الحياة فسأقول لها لا.

حاورتها: ربا نسلي

الأوسمة

المقالات الأكثر مشاهدة